الإنفاق الشهري 3.3 مليار دولار.. هل أوشك مخزون السلاح الإسرائيلي على النفاد؟

قفزت نفقات المشتريات العسكرية للجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة بنسبة 1000%؛ إذ بلغ معدل الإنفاق بالشهر الواحد على المعدات والذخيرة والصواريخ والقنابل نحو 12 مليار شيكل (3.3 مليارات دولار) وهو المبلغ الذي يوازي الميزانية السنوية لجيش الاحتلال المخصصة للمشتريات العسكرية.
 
وبحسب بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن ما يقرب من 200 شركة عسكرية محلية تدعم مشروعي "ميركافا" و"النمر- NMR" كما تتعامل الوزارة مع 26 ألف مورد محلي وعالمي ضمن سجلاتها، بينما حشد قسم المشتريات والإنتاج بالوزارة حوالي 8 آلاف من الموردين المحليين خلال الحرب، وذلك لضمان الإمدادات للجيش.
 
وانكشفت هذه المعطيات الرسمية، بخصوص نفقات المشتريات للذخيرة والعتاد العسكري، من خلال الحوار الشامل الذي أجراه الملحق الاقتصادي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" مع رئيس إدارة المشتريات والإنتاج بوزارة الأمن زئيف لانداو الذي تولى منصبه قبيل بدء "طوفان الأقصى" في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

هاجس نقص الذخيرة

وتحدث لانداو عن الأهمية الاقتصادية لنفقات المشتريات للجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، متطرقاً إلى النقص بالمعدات الأساسية لقوات الاحتياط، ووضع مخزون العتاد العسكري في مستودعات الجيش عشية الحرب، مشيراً إلى أن "وضع المستودعات لم يكن مثاليا ولا يكفي لحرب طويلة الأمد".
 
وأشار المسؤول الإسرائيلي إلى أنه يعيش هواجس من مغبة انخفاض مخزون الأسلحة والذخيرة بمستودعات الجيش، وذلك في حال استمرت الحرب فترة طويلة، أو في حال اندلعت مواجهة شاملة على الجبهة الشمالية مع حزب الله.
 
وأكد رئيس إدارة المشتريات والإنتاج بوزارة الأمن أنه "لولا الدعم الأميركي وتوريد الأسلحة اللازمة وسد النقص خلال سير الحرب، لكان الوضع العسكري للجيش في غاية الصعوبة".
 
ولمعالجة هذا النقص في مستودعات الجيش، كشف لانداو النقاب عن وجود طواقم من وزارة الأمن تجول العالم من أجل شراء الأسلحة والذخيرة للحرب على غزة، ولفت إلى أن هذه الطواقم تواجه الكثير من الصعوبات في إبرام الصفقات، وعزا ذلك إلى اشتراط بعض الشركات العالمية والدول عقد الصفقات وبيع إسرائيل الأسلحة شريطة عدم استخدامها ضد المدنيين والأبرياء.
 
الاعتماد على أميركا
 
أقر لانداو أن الحرب على غزة أظهرت مدى تعلق إسرائيل وارتهانها واعتمادها بشكل شبه كامل على ما وصفه "حسن نوايا وسياسات البيت الأبيض" وشحنات الأسلحة الجوية القادمة من أميركا. ووفقاً للتقديرات، أرسلت واشنطن أكثر من 230 طائرة شحن، و20 سفينة محملة بالأسلحة لإسرائيل منذ بدء الحرب.
 
وبحسب وتيرة وصول طائرات النقل والسفن الأميركية المحملة بالمعدات العسكرية إلى إسرائيل، يقول لانداو "تحسنت حالة المخزونات في مستودعات الجيش التي لم تكن عشية الحرب مثالية على أقل تقدير، ضمن الفرضية الأمنية الإسرائيلية القائلة إن حماس مردوعة ولا يُتوقع نشوب حرب طويلة وشديدة".
 
وعن الجسر الجوي للمعدات العسكرية التي وصلت من واشنطن منذ اليوم الأول للحرب، يقول لانداو "لقد خلق شعوراً صعباً لدى الجمهور الإسرائيلي بأن الجيش يعتمد بشكل كبير على أميركا، ولم يمتلك إمدادات كافية من الأسلحة الحيوية، كنا وسنظل معتمدين على الأميركيين، هناك أشياء نشتريها منهم بأموال المساعدات، مثل الطائرات والمركبات، لكن لا بد من تغيير هذا الواقع".
 
 
إفراط في استخدام السلاح
 
واستذكر لانداو تقرير مراقب الدولة عام 2007 الذي حذر من نقص بالمعدات والعتاد العسكري بمستودعات الجيش محذرا من إغلاق خطوط إنتاج الذخيرة منذ سنوات، وأن على المؤسسة أن تقرر وتحدد خطوط الإنتاج الضرورية لها، وتحافظ عليها وتدعمها.
 
لذلك ليس من المستغرب بحسب لانداو أن "يتحدث الجيش الإسرائيلي مؤخراً عن اقتصاد التسلح، والاقتصاد في استخدام الذخيرة والصواريخ، وذلك من أجل توفير الذخيرة للجبهة الشمالية في حال اندلعت مواجهة شاملة".
 
وأشار رئيس إدارة المشتريات والإنتاج بوزارة الأمن إلى أن الجيش تمادى في استخدام الذخيرة والصواريخ مع بدء الحرب قائلاً "في الأسبوع الأول من الحرب فقط، أسقطت القوات الجوية حوالي 6 آلاف قنبلة على غزة" وهو عدد ضخم يعادل كمية القنابل التي استخدمتها القوات الجوية الأميركية لمدة عام في كل أنحاء أفغانستان.
 
على من يعتمد الجيش الإسرائيلي؟
 
وبحسب وجهة نظر لانداو، فإن التحدي الكبير الذي يواجه وزارة الأمن هو "تقليل اعتماد الجيش على شراء الذخيرة قدر الإمكان من الخارج، وخاصة من أميركا، مقابل توسيع خطوط الإنتاج المحلي، وتعزيز الصناعات العسكرية والدفاعية".
 
ويقول أيضا "من خلال التجربة في الحرب، واستخلاص العبر بكل ما يتعلق بوضعية المستودعات العسكرية للجيش، هدفنا لليوم التالي هو تحقيق الاستقلال بشكل رئيسي في مجال التسلح الجوي وقنابل الطائرات، والتي تم شراؤها بالكامل من أميركا، وسوف يستغرق الوصول لحالة الاستقلال عامين أو ثلاثة من الإعداد، حتى لا نعتمد على مصادر خارجية للتسليح".
 
ويضيف رئيس إدارة المشتريات والإنتاج بوزارة الأمن إن "أحد الأشياء التي نحاول بناءها مع الصناعات الدفاعية هي آلية المحافظة على الحد الأدنى من الطلبات التي سنحتاجها مع مرور الوقت، للحفاظ على خط إنتاج سيكون اقتصادياً ومستقلاً، ويمكن الجيش من استخدامٍ مكثف للذخيرة والأسلحة لعامين دون أي نقص".
 
يُذكر أنه بداية الحرب، زوّد الجمهور الإسرائيلي المدني جنود الاحتياط بالتبرعات، من الملابس الداخلية والجوارب إلى الخوذات والسترات الخزفية، لكن لانداو لا يعتبر ذلك فشلاً لقسم المشتريات بالجيش، وعلل ذلك بزيادة في التجنيد لقوات الاحتياط، قائلاً "لم يكن هناك مثل هذا العدد من الجيش في أي حرب سابقة، وعليه جاءت المساعدات المدنية".
 
شهر بسنة
 
تبلغ ميزانية المشتريات الخاصة بالجيش في الأوقات العادية حوالي 12 مليار شيكل (3.3 مليارات دولار) في العام، لكن لانداو يقول "منذ بداية الحرب ونحن نشهد ارتفاعاً بالنفقات العسكرية، في الشهر الأول أنفقنا ميزانية تعادل الميزانية السنوية، وهكذا استمر الإنفاق بالوتيرة ذاتها والقيمة بالشهر الثاني والثالث للحرب أيضا".
 
ويقول لانداو "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، اشترينا كميات ضخمة من الأسلحة من جميع أنحاء العالم، فما كان بالمستودعات لم يكن كافياً، واليوم ما زلنا في المأزق نفسه من حيث الشراء، ولكننا الآن نمر بمرحلة جديدة، تتلخص بالمزيد من الصيانة، وشراء قطع الغيار وأجزاء المعدات التي تبلى، وللدبابات والمعدات التي تضررت وخرجت من المعركة".
 
ويشرح من وجهة نظره كيف وصلت إسرائيل إلى حالة الاعتماد شبه الكامل على الذخيرة الأميركية، وما يمكن فعله للسعي من أجل الاستقلال المسلح للجيش، قائلاً "نستخلص الدروس مما حدث على مر عقود للصناعة العسكرية والدفاعية الإسرائيلية، حيث كان 80% من إنتاجها مخصصا للجيش".
 
لذا يقول لانداو "يتعين علينا أن نبقي على خطوط الإنتاج الإسرائيلية للأسلحة والذخيرة تعمل على مدار العام، سواء للسوق المحلي أو زيادة الصادرات للأسواق العالمية، وهذا هو التحدي الذي تواجهه اليوم وزارة الأمن" الإسرائيلية.
 
المصدر : الجزيرة

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر