"خيمة مناقيش الزعتر".. "مصدر رزق" في أتون الحرب الإسرائيلية على غزة

[ يعتمد غالبية النازحين في غذائهم على المعلبات (الأناضول) ]

داخل خيمة نزوح بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، تنشغل عائلة الفلسطيني جهاد عاشور بإعداد قطع دائرية الشكل من فطائر "البيتزا" و"مناقيش الزعتر"، ضمن مشروع صغير بدأته مؤخرا للحصول على لقمة العيش في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان بفعل الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
 
ولإنجاز العمل بوتيرة سريعة، يوزع أفراد الأسرة داخل هذه الخيمة التي نصبوها بأحد شوارع المدينة، مراحل صناعة الفطائر على بعضهم، فتعمل واحدة من السيدات على تجهيز العجينة والأخرى تعكف على فردها لتصبح بسطح مستوٍ.
 
وأما الفلسطيني "عاشور" يساهم في ترتيب مكونات البيتزا البسيطة على هذه الفطائر، والتي تشمل "صلصة الطماطم، وقطع صغيرة وقليلة جدا لا تتجاوز الاثنتين من لحوم (المرتديلا)، وشرائح قليلة من الفلفل الحلو وبعض المايونيز".
 
هذه المكونات البسيطة بالكاد ينجح عاشور بالعثور عليها في الأسواق، ليشتريها بسعر مضاعف، حيث تفتقد هذه البيتزا أهم عناصرها وهي "الجبنة"، لكن الإقبال على شرائها ملحوظ لعدم قدرة النازحين على شراء مكوناتها أو خبزها.
 
ويخبز عاشور هذه الفطائر داخل فرن يعمل على الحطب والفحم بدلا من غاز الطهي بسبب قلة توفره، وذلك في شارع عام، لجذب الزبائن لشراء هذه الفطائر التي تخرج ساخنة.
 
ويعتمد غالبية النازحين في غذائهم على المعلبات حيث يفتقد مئات الآلاف منهم الطعام الساخن، فتعتبر هذه الفطائر الساخنة فرصة لهم من أجل كسر الروتين اليومي للغذاء والحصول على بعض الدفء.
 
وفي حوارات منفصلة للأناضول، قال بعض النازحين إنهم يمضون أسابيع دون تناول أي طعام ساخن، بسبب عدم توفر مستلزمات الطهي لديهم (من أوان أو حطب)، أو جراء نفاد كميات الطعام التي يحصلون عليها كمساعدات وعجزهم عن شرائها لعدم توفر السيولة المالية لديهم.
 
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني، وأغلقت المعابر باستثناء سماحها بدخول عدد قليل جدا من المساعدات وخروج بعض الأفراد من المرضى وأصحاب الجوازات الأجنبية.
 
ووفق "أونروا"، فإن المساعدات الإنسانية التي تدخل للقطاع بشكل عام، "لا تلبّي 7 بالمئة من احتياجات السكان من كافة المستلزمات الغذائية والإغاثية".
 
البحث عن لقمة العيش

رغم الهجمات المتواصلة، إلا أن الثلاثيني عاشور، النازح من حي الزيتون شرقي مدينة غزة إلى رفح، لم يستسلم للأوضاع التي خلفتها مصاعب هذه الرحلة وبدأ بالتفكير عن مصادر للحصول على لقمة العيش.
 
وقال للأناضول: "إن فكرة إعداد فطائر البيتزا والمناقيش، نبعت من رحم المعاناة، حيث ينعدم توفر هذه المأكولات إلا بشكل شحيح وفي مناطق بعيدة عن منطقة نزوحه، فضلا عن ندرة توفر المكونات وصعوبة الحصول عليها".
 
وأوضح أنه وحد نفسه مرغما على الحصول على عمل لتوفير لقمة العيش لإطعام عائلته، وسط شح المساعدات الغذائية التي تصلهم وانعدام وجود مصادر بديلة للدخل.
 
وأشار إلى أنه يبيع القطعة الواحدة من الفطائر بمبلغ يصل إلى شيكلين (الدولار يعادل 3.60 شواكل).
 
وقال إن هذا المبلغ بالكاد يتناسب مع غلاء مكونات الفطائر، فيما ينتهي اليوم بالحصول على مبلغ بسيط يساهم بتوفير الحد الأدنى من المستلزمات.
 
وخلال الحرب، شهدت المواد الغذائية الشحيحة الموجودة في القطاع ارتفاعا في الأسعار بسبب ندرة توفرها جراء إغلاق المعابر ومنع إسرائيل دخولها.
 
رحلات نزوح

قال عاشور إنه نزح من حي الزيتون، بعد أن قصفت المقاتلات الإسرائيلية الحربية منزله هناك.
 
وأضاف: "مررنا بعدة رحلات نزوح صعبة، وانتهى بنا الأمر في أقصى جنوب القطاع بمدينة رفح".
 
بدورها، تقول زوجته العشرينية فداء صيام، إنهم نزحوا إلى مجمع الشفاء الطبي بعد تدمير منزلهم على الفور.
 
وبعد فترة قضتها العائلة هناك، نزحت مجددا إلى مركز للإيواء بمدينة غزة، حيث تم استهدافه آنذاك وسقط عدد من الشهداء، كما قالت للأناضول.
 
هذا الاستهداف اضطرهم للنزوح إلى مدينة خانيونس (جنوب)، ليفروا منها مؤخرا بعد الاجتياح الإسرائيلي لها والتوجه نحو رفح، وفق قولها.
 
ومنذ 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة جوية ومدفعية على خانيونس، وفي محيط المستشفيات المتواجدة فيها، وسط تقدم بري لآلياته بالمناطق الجنوبية والغربية من المدينة، ما دفع آلاف الفلسطينيين للنزوح منها.
 
وتصف صيام، الحياة في ظل الحرب ووسط رحلات نزوح متعددة، بـ"الصعبة والشاقة".
 
وأشارت إلى أن العائلة، وبسبب تكرار النزوح، وصلت إلى رفح بلا مستلزمات أو ملابس أو نقود.
 
ولفتت إلى أن النازحين الذين خرجوا من منازلهم حملوا كل ما يملكون معهم من نقود، مضيفة: "بعد مرور 4 أشهر على الحرب، نفدت نقودهم في ظل الغلاء الذي يعيشونه".
 
طوق نجاة

شكل هذا المشروع، طوق نجاة لعائلة عاشور من الوقوع في وحل الجوع، حيث تقول صيام إن وضعهم المعيشي بالكاد شهد تحسنا طفيفا بعد هذا بيع الفطائر.
 
وأوضحت وهي تخبز بعض أرغفة الخبز لإطعام عائلتها: "الحياة صعبة، والمساعدات الإنسانية والغذائية مفقودة لا يصلنا شيء، التفكير في افتتاح مشاريع اقتصادية صغيرة رغم الحرب ينتشل العائلات من الجوع والعوز".
 
وذكرت أن هذا المشروع ساهم في توفير لقمة العيش لأطفالها (لم توضح عددهم)، في ظل انعدام سبل الحياة ومنع دخول المواد الغذائية واستمرار الحصار.
 
ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر الماضي.
 
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت حتى الأحد "27 ألفا و365 شهيدا و66 ألفا و630 مصابا، معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

المصدر: الأناضول

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر