مكونات حضرموت.. ما هي أبرز مطالبهم وإلى أين وصلت مشاوراتهم في السعودية؟ (تقرير خاص)

[ إحدى اجتماعات مكونات حضرموت في العاصمة السعودية الرياض ]

 منذ نحو نصف شهر، يجري ممثلون عن مكونات حضرموت السياسية والاجتماعية والقبلية، مشاورات في العاصمة السعودية الرياض، بشأن قضايا المحافظة والخروج برؤية متكاملة لمستقبلها السياسي في إطار الحل الشامل للأزمة اليمنية.
 
المشاورات جاءت بدعوة سعودية، بعد تصاعد الأصوات الحضرمية المطالبة باستقلال المحافظة نظر ورفضها التبعية، في ظل محاولات متكررة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، للسيطرة عليها عسكريا وضمها إلى مشروعه الانفصالي.
 
وتشكل حضرموت الواقعة شرق اليمن 36 % من مساحة الجمهورية وتتكون من 28 مديرية وعاصمتها مدينة المكلا، حيث تنقسم إداريا إلى سلطتين محليتين الساحل والوادي والصحراء ويتواجد فيها منطقتين عسكريتين الأولى والثانية.
 
كما تمتلك حضرموت حدودا شاسعة مع السعودية تقدر بأكثر من 700 كيلومتر، أي نصف حدود اليمن مع المملكة، معظمها تقع ضمن صحراء الربع الخالي التي يشترك فيها الشمال الشرقي لليمن مع الجنوب الشرقي للسعودية.
 

وفد حضرموت بالرياض
 
في 20 مايو/ آيار الماضي وصل وفد ممثلي مكونات حضرموت على متن طائرة سعودية نقلتهم من المكلا وسيئون إلى الرياض، بعد أيام من وصول محافظ المحافظة مبخوت بن ماضي، بدعوة من السعودية.
 
ولاحقا بدأت المكونات مشاوراتها حول مختلف الملفات، والتي قسمت إلى ثلاثة محاور "سياسي واقتصادي وأمني"، بهدف الخروج برؤية واضحة بشأن مستقبل محافظة حضرموت في أي تسوية سياسية قادمة، وفق إعلام السلطة المحلية.
 
كما عقد ممثلون عن وفد حضرموت لقاءات منفصلة، مع رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، والسفير السعودي محمد آل جابر وممثلي بعثة المفوضية الأوروبية باليمن وسفراء دول الاتحاد الأوروبي لدى اليمن.
 


وقال الوفد في بيان إنه بحث مع الدبلوماسيين الأوروبيين، جهود توحيد الصف واحتياجات محافظة حضرموت ورؤاها المستقبلية في سياق التسوية السياسية القادمة، بوصفها تمثل شوكة الميزان والنموذج الأمثل للحل السياسي.
 
وأشار إلى إنه ذهب إلى الرياض بدعوة من السعودية، ليقدم رؤية أبناء المحافظة للمجتمع الدولي، مضيفا: "نقبل الشراكة لكن نرفض التبعية، نمد ايدينا للجميع إلا المليشيات السلالية (الحوثية) المنقلبة على السلطة والشرعية، ونطالب بحقوق حضرموت كاملة فنحن نمثل ثلث مساحة اليمن، وثلثي مساحة الجنوب".
 
وأضاف أن حضرموت "تحمل اليوم قضية عادلة وتطالب بمنحها سيادة شؤونها وقرارها في إدارة مؤسساتها وقواتها المسلحة وأمنها ومقدّراتها، لتسهم بدور فاعل وتكون الانطلاقة لأمن واستقرار شامل لليمن والجزيرة العربية".
 

ما هي المطالب؟
 
رغم مرور قرابة نصف شهر من مشاورات الوفد الحضرمي في الرياض، إلا أنه لم يتم الإعلان عن أي رؤية نهاية لتلك المشاورات التي ترعها السعودية.
تواصل "يمن شباب نت" مع سلطان التميمي، الأمين العام لمرجعية قبائل حضرموت، لكنه اعتذر عن التعليق عن مضمون المشاورات الجارية في الرياض، مشيرا إلى أنه تم التوافق من قبل ممثلي الوفد بعدم التصريح لأي وسيلة إعلامية بشأن المشاورات حتى يتم الخروج بوثيقة حضرمية نهائية ناتجة عن هذه المشاورات.
 
من جانبه أكد الأمين العام المساعد لمؤتمر حضرموت الجامع، أكرم العامري، لـ"يمن شباب نت"، أن المشاورات في الرياض ما زالت مستمرة، دون الإدلاء بأي تعليق عنها.
 
ويعتقد صلاح بوعابس المتحدث الرسمي باسم مؤتمر حضرموت الجامع، أن "الاجتماعات تأتي لتجديد التمسك بالمخرجات والرؤية الجامعة التي توافق عليها أطياف حضرموت القبلية والمدنية ومكوناتها السياسية من أحزاب وقوى حراك ومنظمات وشخصيات مجتمع مدني واصبحت من الثوابت الحضرمية".

وقال بوعابس، في حديث لـ"يمن شباب نت"، إن "مؤتمر حضرموت الجامع الذي جمع أطياف حضرموت القبلية والمدنية في حدث تاريخي هو الأبرز في مشهد التوافق الحضرمي، قد استخلصت مخرجاته ووثائقه من أكثر من 70 رؤية ووثيقة مقدمة من قوى وشخصيات حضرمية في الداخل والمهجر".
 


وفي العام 2017م، عقد مؤتمر حضرموت الجامع لقاءً بمشاركة 3001 عضو وخرج بـ40 نقطة بين مطالب وقرارات وتوصيات سميت بـ "وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع". وتضمنت الوثيقة عدة نقاط أبرزها/ أن تكون حضرموت إقليمًا مستقلاً بذاته وفق جغرافيتها المعروفة، وأن يحافظ على الهوية الحضرمية ويحق له ترك الاتحاد كما طالب بـ40 نسبة مشاركة في السلطات الثلاث.
 
بالإضافة إلى المطالبة بدمج حضرموت بمنطقة عسكرية واحدة، بقيادة أبنائها، وأية تسوية سياسية قادمة يجب أن تأخذ فيها حضرموت حجمها وفق مساهمتها في الميزانية الاتحادية ومساحتها السكانية وتعدادها السكاني وبعدها التاريخي وعمقها الثقافي، والكثير من المطالبات.
 
وحسب متحدث مؤتمر حضرموت، فإن "هذه الوثيقة تعد القاسم المشترك والمنطلق الأساسي وعليها ميثاق شرف من مكونات وشخصيات ووجاهات حضرموت ينص على عدم التنازل عنها، وجعل مصلحة حضرموت وحقوقها وأمنها واستقرارها مقدمة على غيرها من المصالح او الغايات الحزبية او السياسية الضيقة".
 
وأضاف بوعابس، أن "تلك الوثيقة هي الضامنة ان تكون حضرموت شريك وند في أية تسوية قادمة من خلال أن تكون إقليمًا مستقلاً بذاتها.. كما نصت عليه مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع - ووفق جغرافيتها المعروفة، ويحظى بشراكة متكاملة لبعديها الجيوسياسي والحضاري ويتمتع بحقوقه السياسية السيادية كاملة غير منقوصة، بعيدًا عن صنوف التبعية والإلحاق بما يحقق العدالة في توزيع السلطة والثروة".
 
وتابع: "هذا ما حددته بوضوح وتوافق عليه في مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع من قبل جميع الاطياف الحضرمية وأي خيارات أخرى فيها مصلحة لحضرموت ومستقبل أهلها مرحب بها على أن تطرح ويعلن عنها ويتوافق حولها".
 
ويقول بوعابس: "لقد آن الأوان أن يعطى لحضرموت حقها ومكانتها الذي تستحقه، فهي تمتلك الكثير من المقومات وترتكز على إرث حضاري وثقافي يجعلها أن تكون حاضرة وبقوة في المعادلة والاستحقاق القادم وعلى جميع الأطراف احترام هذه الإرادة الحرة التي لم تصدر إلا الخير والسلام".
 
فيما قال أمين عام مرجعية قبائل حضرموت عضو الوفد الحضرمي بالرياض، جمعان بن سعد، إن "حضرموت وصلت إلى مرحلة اللا عودة.. وليس امامنا إلا الانطلاق إلى الفضاء الرحب تاركين الظلم والتهميش والاقصاء والتبعية على الارض ووراء ظهورنا".
 


وأضاف سعد، في تغريدات على منصة تويتر، يوم أمس الاحد، بالقول: "التحقنا بما فيه الكفاية مع اليمن جنوباً وشمالاً وحاولنا بكل جهدنا ان نحافظ على من اعتبرناهم شركاء لنا لكنهم اعتبروا حضرموت ملحق وتابع.. اليوم لا صوت يعلوا فوق صوت العتق من ظلم الالحاق إلى عدل الاستقلال بإدارة أنفسنا ثم نبحث قضية الشراكة الحقيقية المبنية على المساواة والندية".
 
وأشار أمين عام مرجعية قبائل حضرموت، إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع لتأخذ حضرموت حقها في إدارة نفسها بكوادرها وابناءها لتستغل ما تبقى من اوقات الصراع في ترسيخ مداميك الحكم الذاتي (إقليم).
 
وردا على التساؤلات والغموض الذي يكتنف المشاورات، خرج التميمي وهو أيضا عضو في الوفد الحضرمي بالرياض، مغردا على تويتر، بالمثل العربي المعروف: "ما يبطي السيل إلا من كبره"، في إشارة إلى تأخر الإعلان عن نتائج المشاورات.
 

ما وراء الاهتمام سعودي بحضرموت؟
 
يرى الباحث والكاتب اليمني عادل دشيلة، أن هناك "عدة اسباب جعلت السعودية تستدعي الرموز القبلية والاجتماعية والسياسية في حضرموت إلى الرياض".
 
وحسب حديث دشيلة، لـ"يمن شباب نت"، فإن السبب الأول هو "قطع الطريق على المجلس الانتقالي الذي يمثل مشروع الإمارات في هذه المحافظة الاستراتيجية والتي ترتبط بحدود جغرافيّة شاسعة مع المملكة العربية السعودية".
 
كما يرى دشيلة، أن السعودية تريد أيضا، "كسب ولاءات قبلية واجتماعية وغيرها في حال أي تطور غير إيجابي في المحافظة خلال المرحلة المقبلة".
 
الشيء الثالث ـ وفقا لدشيلة ـ "السعودية تريد أن تعيد استراتيجيتها وتعيد النظر في الاستراتيجية الخاص للتعامل مع المناطق الشرقية والجنوبية بشكل عام بعد أن كانت تركز بشكل كبير على المحافظات الشمالية أو التي ترتبط بحدود جغرافيّة مباشرة مع المملكة أي جنوب المملكة شمال اليمن خصوصاً صعدة والجوف وحجة مع الأسف يزداد الشرخ يوما بعد آخر".
 
وقال عادل دشيلة، في تعليقه على مشاورات الوفد الحضرمي بالرياض، "لا اتوقع أن هذه الاجتماعات ستقود إلى سلام دائم ومستقر او استقرار في حضرموت وفي اليمن بشكل عام هناك".
 
وتابع: "مع الأسف يزداد الشرخ يوماً بعد آخر في هذا البلد المضخم بالجراح ولا اتوقع أن أي مساعي سوف تنجح طالما والمشاريع الإقليمية موجودة ولها أذرعها المحلية التي تنفذ الاستراتيجية الخاصة بالإقليم".
 
وأكد دشيلة أن "اليمنين بحاجة إلى قيادة تقود البلد إلى بر الأمان، أما بقاء الوضع بهذا الشكل فلا اعتقد أنه سيؤدي بنا إلى نتيجة في نهاية المطاف بل سيقود إلى مزيد من التفكك والتشرذم وتفكيك الجغرافية السياسية للدولة اليمنية".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر