فبراير الحلم المؤجل


فكرية شحرة

 هل هي إحدى معجزات "صالح" الخالدة؛ أن يظل لاعباً رئيسا على رؤوس الثعابين حتى وهو داخل قبره؛ ليستمر شقاق اليمنيين واختلافهم كما كان يصنع طوال سنوات حكمه العديدة؟!
 
إن كان للرجل من انجاز عظيم وخالد، فهو تحقيق أهدافه هذه حيا وميتا.
 
كل عام يطل فيه فبراير، تستعد قلوب اليمنيين لمنافحة بعضها؛ يقدحون قرائحهم لاستجلاب ضغائن انقرضت، وبسطت عليها ضغينة اليمن الكبرى: الإمامة، التي أرهقت اليمنيين ألف عام، وليس ثلاثة وثلاثون عاما كعهد "صالح".
 
يصرف اليمنيون جهدهم ووقتهم وطاقاتهم الكلامية والمكائدية ضد بعضهم كل عام مرتين؛ في 11 فبراير (ثورة اليمنيين ضد نظام صالح في 2011)؛ ومؤخرا في 2 ديسمبر (ثورة صالح ضد حلفاؤه الحوثيين 2017). وليت الحال يقتصر على رحلتي الشتاء والصيف هاتين، لكن تداعياتهما والإعداد لهما قائم طوال العام، وأثرهما أشد عمقا في عقول اليمنيين وقلوبهم!!
 
يكتبون تاريخهم الملطخ بالحقد والأزمات المفتعلة، ويلجؤون في سبيله لعقد أحقر التحالفات التي تدمر الوطن وتسلب مقدراته، وتسلم مصير قراره لأسوأ الحلفاء وأشدهم لؤما!! تاريخ قديم وحافل من الشقاق، بسبب الاختلاف الذي ينتهي بدعوة الغزاة!
 
فهل كانت جريمة هذا الجيل، الذي مثّل خلاصة التنوير بعد سنوات التجهيل، أن تكون ثورته ضد الفساد هي نكبته في نظر الراسخين في الفساد؟ هل السعي لخلق حياة أفضل جريمة؟
 
لنترك فكرة أن من تزعم قرار الثورة، في النهاية، هم الجيران وهوامير الفساد أنفسهم!!
 
هؤلاء الشباب الصادقين، الذين بذلوا دمائهم، وما زالوا يبذلونها في وجه الإمامة.. أليس من حقهم أن تحترم ثورتهم المغمسة بالدم؟!
 
أليس من حقهم أن يحلموا بدولة المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص؟ ما دام هذا حقهم، فمن حقهم أن يخرجوا في سلمية عظيمة للمطالبة بهذا الحلم.
 
إنهم لم يضرّوا سوى الفاسدين، والمنتفعين من بقاء نظام "صالح" الفاسد المتهالك. وكل تداعيات الثورة من خراب، كان من صنع "صالح" وثورته المضادة، وليس حلم هذا الجيل بحياة كريمة..!!
 
هل سنظل كل أعمارنا ندافع عن هذا الحلم؟! وكل طاقاتنا تهدر لهذا الحق؟!
 
هل نسكت على تشويه أول قرار حُر من هذا الشعب؛ نصمت لكل هذا التجديف والتزييف في تاريخ سيكتب لأجيالنا القادمة؟! وحتى متى تظل الثعابين تلدغ بعضها، وسمومها تطال هذا الشعب الحزين؟!
 
تسعة أعوام يا فبراير، وما زلنا نتجادل: هل كنتِ ثورة أم نكبة؟!
 
تسعة أعوام وثورتك ماثلة كالطود العظيم؛ كنصب الجامعة، حمّال لكل الخطايا والذنوب.
 
وصلنا الحضيض، وما زال البعض يلعن نافذة الأمل الوحيدة! فهل كانت ثورات، أم أخطاء أجمعت عليها كل الشعوب؟!
 
ولو عاد بنا الزمان إلى الوراء ..هل نتوب؟
 
ما أثق به أننا لن نتوب.. لن نتوب عن حلم الحرية والمدنية، ولن نتوب.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر