العودة بتفاصيل موجعة!


سلمان الحميدي

  يا للألم، من تفكر أنه سيتسبب بفقدانك هو الوحيد الذي مازال يرسل إشارة بأنك على قيد الحياة. هو من صمد حتى آخر نفس، إنه القلب.

ليست كل القلوب تصمد خاصة هذه الأيام مع توقف القلوب فجأة. القلب المشار إليه هو قلب الفتاة القروية التي تعرضت للإغماء المفاجئ قبل أسبوعين.

كانت قد ولدت بعيب خلقي في القلب، قال الأطباء أنها بحاجة إلى عملية ضرورية عندما تكبر، صار عمرها 12 سنة، كانت حياتها عجولة، خطواتها، النساء يتحدثن عن طريقة كلامها أيضًا، عن نشاطها الزائد في خدمة أسرتها، عن حب الوالدين لها إذ كانت وحيدة بين أربعة ذكور..

أسرة كادحة وزادت الأوضاع الراهنة الناس كدحًا إلى كدحهم، عاشت الفتاة حتى قبل الأسبوع الماضي، تتعرض لنوبات من الإغماء، لمشاكل في الدم، يتم إسعافها، فتقوم وتعود إلى طبيعتها.

في الأسبوع قبل الماضي وبينما كانت عائدة من المدرسة، سقطت في الطريق، لم يستنهضها الماء من غيبوبتها، فتم إسعاف الفتاة إلى مستشفى خاص في منطقة الذكرة بتعز، يبدو أن حالتها خطرة، نصحوهم بنقلها إلى مستشفى آخر، تم الذهاب إلى "أطباء بلا حدود" اعتذر عن استقبالها لأن الحالة لا تنطبق عليها إمكانيات المنظمة وأدويتها كما يبدو، تم نقلها إلى مستشفى في محافظة إب.

ظلت في العناية المركزة، لا حركة للجسد تنبي أنها على قيد الحياة، سمعتُ والدها عندما عاد ومرافقيها أيضًا، كان والدها يظن أنها ماتت، يومان ولا حركة، يريدون تركها أكبر قدر في غرفة الإنعاش للخروج بأكبر مبلغ ممكن، كان والدها يظن، وأحد المرافقين يقنعه بالعكس وهو يرى الخطوط تصعد وتهبط في لوحة القلب..

لقد كانوا طيبين، يقصد تعامل المستشفى، السماح بالنوم في صالة المستشفى وعلى البلاط الأملس، من الجمائل التي يجدها القرويين الكادحين، لأنهم لم يألفوها، لقد كان العسكري طيبًا، يبدو أنه كان متواطئًا أو متعاطفًا مع حالتهم.

المرافقون ووالد الفتاة، عاشوا يتأملون تفاصيل الزحام في الممرات، في كل مستشفى ظنوا أنه من يدخل لايخرج إلا محمولاً على المحفة، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا..

أألم ما سمعته منهم، ما رأوه في المستشفى بمحافظة إب، طفلة عمرها ثمان سنوات تقريبًا، رأسها مخترق برصاصتين، بعد تقصيهم عن المعلومات، قالوا بأن القاتل المتوحش مجهولًا، طمع بقرطين ذهبيين معلقين على أذني الطفلة، لقد أنتزعمها إذ كان رأسها المدمى وأذنها الباردة بلا قرطين..

يا الله.. ما هذه الوحشية؟ كم عدد القتلى الذين يذهبون محملون بتفاصيل لا يعرفها أحد.. كم عدد الراحلين على هامش الحرب.

الفتاة القروية، قال الأطباء أيضًا أنها ستموت، مازال القلب ينبض، تبقى لها 72 ساعة.. القلب الذي كان معيوبًا منذ الولادة، هو الوحيد الدال على أنها على قيد الحياة، كانوا في انتظار أن يتوقف.

توقف قلب الفتاة.. حملوا إلى القرية جثمانها والكثير من التفاصيل الموجعة، وجهل عن سبب الوفاة... لم يقولوا شيئًا ماذا حدث لها وماتت.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر