أعادت الاعتداءات الصهيونية على المقدسيين في باحات المسجد الأقصى، والقرارات الظالمة بمصادرة منازلهم، الاهتمام بقضية فلسطين، غير أن هذا الاهتمام، لا يخلو من المتاجرة والتوظيف من جانب أنظمة وكيانات.
 
خلال سبعة عقود، شهدت القضية الفلسطينية تحولات كبيرة في نوعية الصراع الذي يجري على الأرض المحتلة، فبعد أن كانت القضية إسلامية خالصة، وهو ما يجب أن يكون مثلها مثل أي قضية أرض اسلامية تعاني الاحتلال، تحولت إلى قضية عربية واختزلت في صراع عربي إسرائيلي يخلو من الإشارة إلى البعد العقائدي، ثم جرى تقزيم القضية مؤخرا في الإطار الوطني وحصرها في صراع فلسطيني إسرائيلي، وصولا إلى مرحلة تزامن فيها التطبيع مع الاحتلال مع التضييق واضطهاد الشعوب وإشغالها بقضاياها الداخلية.
 
الاعتداءات الصهيونية الأخيرة في القدس، لم تكن لتمر دون أن يجري استغلالها وتوظيفها من قبل أنظمة وكيانات، فهي تمثل فرصة جيدة لتحقيق مكاسب سياسية ودعائية، فإدانة من هنا وشجب من هناك، دون أي تحرك جاد يضر أو يمس بالمصالح الصهيونية، أو يجبرها على وقف الاعتداءات ومصادرة أراضي المقدسيين.
 
لو استعرضنا بعض التصريحات التي خرجت للتنديد والشجب، فستجد أن مطلقي هذه التصريحات قد مارسوا من الجرائم بحق المسلمين، مثلما فعل الكيان الصهيوني وأكثر، ولكن لازمة تسجيل المواقف أضحت مشاعا، ليتاجر الجميع بقضية فلسطين، ويحاول كل بدوره كسب بعض النقاط.
 
هل يمكن مثلا، أن نصدق موقف إيران الرافض لما يجري في القدس، وهي التي أزهقت وهجّرت ملايين المسلمين في العراق والشام واليمن؟ وهل يمكن أن نصدق الموقف الحوثي الرافض للاعتداء على المصلين في الأقصى، ولمصادرة بعض المنازل، في حين أن الحوثيين أنفسهم فجروا مئات المساجد والمنازل، لمسلمين موحدين لا يختلفون عن مسلمي مدينة القدس؟

وهل يمكن تصديق حزب إيران المسمى زورا ”حزب الله“ عندما يرفع شعار القدس أقرب، في حين يخوض مقاتليه حربا طائفية ضد المسلمين في الشام، وهم يبعدون عنه مئات الكيلومترات، ويترك الصهاينة يمرحون على مرمى حجر من الضاحية الجنوبية؟
 
ربما كان الناس ليصدقوا هذا الهراء لإيران وميليشياتها، وللأنظمة الوظيفية العربية، قبل الثورات العربية، لكن الآن أصبح من الصعب للكذب أن يبهر أعين وأسماع الناس بعد ما تجلت أمامهم الحقائق بكل مآسيها وأبعادها خلال سنوات كان الثمن فيها كبيرا، ولم يعد شلال الكذب كافيا لتغطية أنهار من الدماء التي أهرقتها الأنظمة الوظيفية وإيران سواء بسواء.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر