انتهاء الأسطورة الحوثية


سلمان المقرمي

  على مدى عقود عملت إيران على تصوير قوتها على أنها خارقة أسطورية، ند للقوى العظمى بل وأقوى، لا يختلف موقع القوة الإيرانية في إعلامهم عن مواقع الدول الخمس الكبرى، ويخيل للمتابع للأخبار الإيرانية أنهم أقوى من الدول الخمس والسبع والثمان والعشرين والعالم الأول.

الحقيقة غير ذلك، تعرضت إيران لذل مهين، قتل بطلها القومي ومزقت أحشاؤه إربا وعلانية بضربة أمريكية مقابل مدني أمريكي، منعت العقوبات إيران من بيع نفطها، وحولت بنوكها إلى شركات صرافة بخدمات محلية.
 
الرد الإيراني على قتل سليماني أظهر أضعف ما في القوة الإيرانية المزعومة، أسقطت طائرة مدنية، في وقت لم تكن فيه هناك أي هجمات على إيران.
 
بعد الإذلال الدولي لإيران والعجز الفاضح للانتقام لمقتل سليماني، اشتكت أسرة سليماني لذنب إيران في اليمن بالانتقام لوالدها في اليمن، ثمة مثل شعبي يتحدث عن الحول في مثل هذه الحالات، لكن الاستجابة الحوثية دليل لتأكيد المؤكد أنهم قوة إيرانية خالصة لا علاقة لها باليمن، اتجهوا لغزو مأرب، بعد مقتل سليماني بأسبوعين فقط، في مطلع السنة الفائتة، 2020 وتحديدا في التاسع عشر من يناير، حققوا بعض الاختراقات في بدء المعركة لعدد من العوامل المحلية والإقليمية والدولية، لكن الصمود المحلي حطم الهجوم الإيراني في النهاية، عندما لم يعد هناك تأثير للعوامل الإقليمية والدولية.
 
على مدى 2021 دفعت جماعة الحوثة الإيرانية بأكثر من ثلاثين ألف قتيل حوثي، على أمل الوصول إلى نقاط التحول في معركة مأرب، اعترف الحوثة بأكثر من 14700 قتيل خلال خمسة أشهر، يتوقع أن يكون قتلى الحوثة في العام 2020 نفس العدد، دفع الجيش والمقاومة أيضا آلاف القتلى والجرحى.
 
 في خطابات نصر الله خلال الأشهر الماضية كان يتحدث كحاكم مطلق أو إله بيده تصاريف الأمر في مأرب واليمن، لن ننسى قوله إن كل ما يقوم به التحالف من غارات على مواقع الحوثة في صنعاء وجهوده الدولية والإقليمية السياسية لن تغير من مصير مأرب الذي يملكه، قال  حرفيا: لن تغير تلك الجهود حرفا واحدا من معركة مأرب، أي التي سينتصر فيها حزب الله وإيران والحرس الثوري والتحالف الشيعي الفارسي على معقل الحضارة اليمنية العربية سبأ.
 
في يونيو الماضي وضع الحوثة شروطهم المذلة والتعجيزية للوساطة العمانية أن على المقاومة والجيش وقبائل مارب تسليم المدينة سلما للحوثة، وتسليم نصف عائداتها، وترحيل جميع المهجرين والنازحين الذين يقطنونها منذ سنوات، ثم وصفوا مباردتهم تلك بأنها غاية ما قد يقدمونه من تنازل.
 
على وهم الغرور الحوثي الذي بلغ أوجه في مطلع ديسمبر شن الحوثة آخر وأقوى هجوم لهم على الإطلاق منذ أول طلقة شنوها قبل سبعة عشر سنة، هاجموا البلق الشرقي بكل قوة في الثامن من ديسمبر الماضي، دفعوا بعشرات الأنساق، شنوا عشرات الغارات بالطيران المسير، والصواريخ المسيرة، وحتى شنوا هجومهم بطيران حربي  مروحي كما يشيعه إعلامهم، وضعوا ثقل منظوماتهم الدفاعية في جبهات مأرب لتحييد الطيران، زعموا إسقاط 22 طائرة مسيرة للتحالف، فتحت قناة الميادين الإيرانية الناطقة بالعربية تغطية خاصة وتحدثت عن ساعات فقط تحسم انتصار إيران والحوثة في أخطر حروبهم الاستعمارية التي تؤسس لامبراطورية فارس.
 
تلاشى كل ذلك، بقرابة عشرة آلاف قطرة دم من شهداء الجيش والمقاومة والقبائل والمدنيين خلال سنتين من القتال، ارتقى فيها خيرة الضباط وأشجعهم شهداء في ساحات النزال، وآلاف الجنود الصادقين، لكنهم حطموا الأسطورة.
 
نرى ذلك التهاوي السريع في بيحان حيث سجل الناس بجوالاتهم مشاهد الهروب المخزية للحوثة، وتفجيراتهم للعبارات، ومشاهد أسراهم بالعشرات مع أسلحتهم، وخلال الأسابيع القادمة بإذن الله، سيتحطم كل ما حققوه من قوة خلال ثلاث سنوات من القتل والإجرام بحق الشعب اليمني، بعد أن دفعوا عشرات آلاف القتلى من عناصرهم، وانتهت أسطورتهم القاهرة التي بدت هشة وخاوية ومنهارة أمام ضربات العمالقة في شبوة والصناديد في مأرب وغيرهما من الجبهات.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر