منذ نهاية مايو الماضي وحتى التاسع من يونيو الجاري، تطورت المقاومة الشعبية في صنعاء ضد مليشيا الحوثي بطريقة مذهلة، وبفعل جماعي يأخذ دوره في الاتجاه نحو التطور والتنظيم ضمن سياق طبيعي بأدوات سلمية. 

قبل أسبوعين نهب عبدا لمجيد الحوثي المساحات العامة في مدينة الحمدي السكنية بسعوان شرقي صنعاء، استنادا إلى قوته وأسرته التي تسيطر على العاصمة وتذل سكانها وتنهب أموالهم وممتلكاتهم بالقوة الغاشمة؛ بنى الحوثي أسوارا على المتنفسات العامة إيذانا ببسط يده الآثمة على المدينة، كان يخطط الحوثي للسيطرة على المساحات الخضراء العامة تمهيدا للسيطرة على مئات وآلاف المنازل السكنية ضمن ما يعرف بالجمعيات السكنية القائمة منذ خمسة عقود على الأقل. 

كان رد الفعل الأولي للسكان هدم تلك الأسوار نهاية مايو سرا، في ليل حالك، ردا على المحاولات الحوثية الغاشمة بتهجيرهم من منازلهم. 

عاودت الجماعة بناء السور مرة أخرى، وعاود السكان بعد صلاة الجمعة التاسع من يونيو هدم تلك الأسوار، جماعيا، في عز الظهيرة وليس في جنح الليل. 

أرسلت المليشيا حملة عسكرية لخطف المشاركين في هدم الأسوار التي بناها عبد المجيد الحوثي، وخطفت العديد منهم، ومصير المخطوفين مجهولا حتى الآن. 

قد تنجح المليشيا مؤقتا في تنفيذ أحلام قادة الأسرة الحوثية بالسيطرة على بعض المناطق، لكن تلك ليس الحقيقة الدائمة، إذ أن المقاومة الشعبية للسيطرة الحوثية في مدينة سعوان تحديدا انطلقت قبل سنة تقريبا، بتنظيم سلسلة من الوقفات الشعبية طيلة النصف الثاني من السنة الفائتة، في الساحات العامة والشوارع الرئيسية خاصة في شارعي التحرير والزبيري. 

استطاعت الوقفات انتزاع عدد من الأحكام القضائية والقانونية وحتى التنفيذية الصادرة من المليشيا بكف يد لجنة عقارات مليشيا الحوثي العسكرية عن مدنهم، وهو الأمر الذي دفع بالمليشيا للزج بعبد المجيد الحوثي في مواجهة المقاومة الشعبية التي تعلن صراحة عدم خروجها عن الانقلاب الحوثي، وبالوقت نفسه، ترفض سلوكه وسياساته تجاه منازلهم. 

صارت الحقيقة مرة أمام مليشيا الحوثي، فمن ناحية لم تستطع الجماعة الإيرانية بسط السيطرة الكاملة على المدن السكنية، بأي صيغة حتى الآن، وهي التي تقدم نفسها للسكان على أنها أسطورة لا تقهر، بينما تدرك يقينا أن السكان بدأوا بتنظيم أنفسهم سلميا في مواجهة الجماعة، وتوعد سكان مدينة الخمسين السكنية نهاية السنة الفائتة بسحب أبنائهم من جبهات القتال في صفوف المليشيا للدفاع عن أسرهم في صنعاء ضد الحوثي. 

ومن ناحية ثانية ليس بإمكان المليشيا الزعم بأن سكان وملاك المنازل السكنية في العاصمة المحتلة موالين لحكومة الجمهورية، خصوصا أن الكثير منهم عملوا فعلا مع الجماعة، وبعضهم قدم أفرادا من أسرهم قتلى في سبيل الجماعة التي تحولت للعمل ضدهم، وبالتالي وقفت الجماعة عاجزة عن مواجهة المقاومة الشعبية المتنامية ضدها بعجز وذل. 

وتبقى الخيارات محدودة للسكان في المدن السكنية خاصة سعوان، باستمرار المقاومة السلمية للمساعي الحوثي بالسيطرة على منازلهم، بينما ستحاول الجماعة الحوثية جرهم إلى صراع عسكري ضدها يمكنها من تهجير جميع سكان المدن السكنية واقتحامها والسيطرة عليها، أو عليها أن تتراجع علنا بمشهد مخز أمام الجميع عن مساعيها في السيطرة على تلك المنازل، وهو الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام سلسلة من المقاومات الشعبية المتفرقة والمنتظمة في الوقت نفسه، لانتزاع حقوقهم من تلك الجماعة. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر