تشن الولايات المتحدة الأمريكية غارات على أهداف عسكرية حوثية لإضعاف قدراته البحرية التي تستهدف الملاحة البحرية بحجة "نصرة غزة"، في أحدث مؤشر على ثبات السياسة الأمريكية تجاه الحوثي في اليمن دون تغيير أسس ومبادئ السياسة الأمريكية تجاه الجماعات الإيرانية في المنطقة العربية، خاصة جماعة الحوثي.
 
على مدى عقدين تقريبا، رفضت الولايات المتحدة اعتبار الحوثي جماعة إيرانية خطيرة في اليمن على الشعب اليمني والقرن الأفريقي والجزيرة العربية، حتى تفاجأت هي نفسها بأن مصالحها تعرضت مؤخرا بشكل محدود للخطر.
 
وتشير وثائق ويكليكس كيف أن الولايات المتحدة رفضت النهج العسكري للحكومة في مواجهة الحوثي في صعدة إبان الحروب الست، ثم عملت واشنطن خلال الثورة السلمية والفترة الانتقالية إلى دعم الحوثي وتعزيز نفوذه السياسي من خلال الحوار الوطني، وعدم الاعتراض على سقوط صنعاء بيد الحوثي وانهيار الدولة والعملية الانتقالية في 2014، وحصول الحوثي على أسلحة بعشرات مليارات الدولارات من مخازن الجيش اليمني، بما فيها أسلحة بقيمة 500 مليون دولار قدمتها أمريكا للحكومة بحجة مكافحة الإرهاب.
 
خلال سنوات الحرب بقيادة التحالف رفضت الولايات المتحدة بعهدي الجمهوريين "ترامب" والديمقراطيين "أوباما وبايدن" الجهود اليمنية والعربية توجيه ضربات قوية وفعالة للحوثيين، من خلال مبادرة كيري 2016 بينما كانت القوات الحكومية ترابط على مشارف مطار صنعاء الدولي الذي تستهدفه الغارات الأمريكية مؤخرا، وكذا منعت بقوة هائلة تحرير الحديدة في 2018، من سيطرة الحوثيين، وعادت مؤخرا لتستهدف المواقع التي كان يفترض أن تكون آمنة إن تم تحريرها في ذلك الوقت.
 
ورغم الهجمات الأمريكية على مليشيا الحوثي أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ أن السلام والخطة خريطة الطريق لحل الصراع في اليمن ما زال أولى أولويات بايدن للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه اليمن، وأن واشنطن ما تزال تدعم تلك الخريطة والجهود، التي يرى مراقبون أنها تعزز قوة الحوثي في اليمن على حساب الحكومة والشعب اليمني، بينما تسعى طائراتها لتقليص القدرات البحرية الحوثية.
 
إن الازدواجية في الموقف الأمريكي من الحوثيين أن يكون أداة أمريكية فعالة لتقسيم اليمن، وإشراك إيران فيه، ضمن توجهها للانسحاب من المنطقة وتقسيم النفوذ بين العرب وإيران في الدول العربية، في الوقت الذي تريد فيه من الحوثي أن يتوقف عن إيذاء مصالحها التجارية عبر خطوط الملاحة الدولية، سيقود إلى مزيد من التصدعات، التي سيكون الثمن الباهظ لها على عاتق الشعب اليمني.
 
إن الحوثي الذي يستهدف الملاحة البحرية ويسبب لها مخاطر، هو ذاته الذي يستهدف الشعب اليمني والمصالح العربية خدمة لإيران، ولا يمكن تقسيمه للهيمنة على المصالح العربية فقط، ما دامت إيران تريد السعي لامتلاك أسلحة نووية، وتوظف في سبيل حماية البرنامج النووي وحماية مصالحها ونفوذها الإقليمي، المليشيات الإرهابية التي أنشأتها في الدول العربية وعلى رأسها مليشيا الحوثي.
 
وتقر الولايات المتحدة بهذه المعادلة وتراها فعالة حتى الآن، وقد لجأت مؤخرا للمفاوضات مع إيران عبر سلطنة عمان للضغط عليها للحد من الهجمات الحوثية، كما فعلت مع المجموعات العراقية والسورية التي توقفت منذ شهر عن هجماتها ضد القواعد العسكرية. وإذا تقدمت تلك المفاوضات فما الذي ستقدمه الولايات المتحدة لإيران مقابل وقف إيران هجمات الحوثيين؟ بكل تأكيد مزيد من المصالح الإيرانية مثل مليارات الدولارات من العراق، ومزيد من النفوذ الإقليمي لإيران، ومزيد من القوة للحوثيين في اليمن على حساب الشعب اليمني، ومصالحه.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر