أحكام الإعدام الحوثية تطلق رصاصات الموت المُحقق على "أمهات المختطفين" في منازلهن

[ أمهات مخفيين قسراً بعدن أثناء سماع شهادتهن في 15 سبتمبر 2021 ]

"لم تحتمل الأمر ففاضت روحها على الفور بعد سماع أمر الإعدام بحق ابنها"، هذه مختصر قصة "أم محمد عوض"، التي ماتت قهراً فور سماعها خبر إصدار محكمة حوثية أمر إعدام بحق ابنها العشريني المختطف في سجون الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات.
 

وتم اختطاف الشاب العشريني "محمد عوض" في أواخر العام 2018، حيث تم اختطافه نحو شهر من ولادة ابنه البكر، ولم يمر على زواجه سوى عام ونصف، وتم تلفيق تهم كيدية ضده من قبل الحوثيين.
 

لم تكن "أم محمد" أول من صادرت روحها الأحكام الحوثية ولن تكون الأخيرة؛ لكنها القصة الأحدث في مسلسل الجرائم المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني، التي ترتكبها مليشيا الحوثي، ورغم أن غالبية تلك الاحكام التي تصدرها الميلشيات لاتنفذ لكن الأمهات في المنازل هُن من يُعدمن.
 

أظهرت الأحداث المتوالية أن المختطفين ليسو وحدهم من تعدمهم مليشيا الحوثي، فالآباء والأمهات والأقارب في بيوتهم تحصد أرواحهم أوامر الإعدام الحوثية، قهراً وكمداً وقصص العشرات تحكي فصول من الآلام والأحزان التي يعيشها المواطن في عهد الفاشية الحوثية.


                            الشاب "محمد عوض" المختطف في سجون الحوثيين بصنعاء منذ نحو ثلاث سنوات


شهيدة غياب العدالة.. رثاء مؤثر

كتب اللواء الدكتورعوض محمد يعيش، وكيل وزارة الداخلية الأسبق، إلى زوجته الضحية، رسالة رثاء مؤثرة أطلع عليها "يمن شباب نت"، سرد فيها اللحظات الأخيرة لوفاة زوجها بعد سماع نبأ إصدار مليشيا الحوثيين حكماً بإعدام نجلها الجامعي محمد عوض، وشقيق زوجها عادل.
 

"شهيدة غياب العدالة"، هكذا سمّاها زوجها المكلوم في أربعينيتها، وذهب يُعدد مناقبها ومواجعها وآلامها التي صاحبتها طوال فترة التغييب القسري لابنها، حيث فارقت الحياة في الثامن من إبريل 2021 بعد نحو 40 يوم من اعلان أحكام الإعدام الحوثية في 28 فبراير 2021.
 

حدثٌ مؤلم بحجم أن تخطف روح أم كيف لا وهي تسمع نبأ أمر السجّان المجرم بإعدام ولدها الضحية، وهي التي كانت تؤمل قبل لحظات أن تعود به سالماً لتُنهي معاناتها ومعاناته، نبأ كان له وقع قاسٍ على قلب أم مرهقة فأجهز على قلبها الموجوع.
 

من خلال تفاصيل قصة الأم الضحية فإن أسرتها أخفت عنها خبر الحكم لفترة من الزمن حتى اكتشفت الأمر أثناء حديث النساء خلال زيارة أسرية، واللاتي لايعرفن أنها لا تعرف أيا من تفاصيل الخبر.

 
وقال زوجها الدكتور عوض "ذهبت "أم محمد" في زيارة أسرتها وكلها أمل أن تعود لمنزلهم وقد عاد ابنها "محمد" وعمه "عادل" في لحظة تجلي للعدالة؛ لكن العدالة تلك لم تعد حاضرة في مُدنٍ تحكما قطعان الغاب؛ فما تمنته لم يحدث وما حدث هو الذي كانت تخشاه.. الحكم بإعدامهم".
 

يضيف - في رسالته إلى زوجته تطرق فيها إلى تفاصيل مؤلمة من آخر اللحظات قبل وفاتها - "آخر صوت لكِ سمعته وهو يطرق أذناي بقوة صراخكِ، كنتِ تصرخين (دون وعي) في كمد، وقهر وألم وحرقة، تخبريني أنكِ للتو علمتي بمضمون الحكم الجائر الغشوم الذي صدر بإعدام أولادكِ عادل ومحمد (تعزيراً)".
 

الحكم وصفه المسؤول الحكومي الأسبق "ذلك الحكم الظالم الذي صدر بناء على ادعاء غِر جهول وتجرأ فيه على الله الحق، الله العدل، تجرأ حاكم طاغية غشوم، أصدر حكمه الظالم دون خوف من الله".
 

صرخت الأم قبل أن يخطف القهر روحها مستفسرة:" لم ذلك؟ ألم نربهما على الإيمان بالله، وعلى المدنية، وعلى السلم والسلام والمحبة، وعلى حب الوطن وعشق اليمن الجمهوري الوحدوي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه".
 

في مكالمتها الأخيرة لم تستسلم "أم محمد" للموت قبل أن تندد باستكبار الحمقى المجرمين الذين آذوا ابنها، وتدعي بحرقة على الذين أخفوه في بدرومات التغييب والسجون المرعبة، وتُشنّع بقضاة محكمة الزور الجزائية، وبقضاء البهتان السياسي، وبحكمهم المشين"، حسب ما جاء في الرسالة.
 

أمعن الحوثيون في قهر أسرة "عوض يعيش"، حتى أنهم رفضوا السماح لابنها حضور جنازتها في أمر إفراج استثناني تحت حراسه مشددة ثم يعود إلى السجن، بحسب طلب الأسرة، والذي قال عوض في رسالته: "أن ذلك الطلب رفض التعامل معه ولم يصل للمسؤولين"، لتذهب الأم مع كثير من القهر والألم والفقد والشوق لابنها المختطف.
 

أحكام الإعدام الحوثية

في أواخر فبراير الماضي أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بصنعاء التابعة للمليشيا الحوثية، أوامر بإعدام "محمد عوض محمد يحيى يعيش" وعمه "عادل محمد يحيى يعيش" ـ المختطفين منذ مطلع نوفمبر 2018م ـ مع خمسة آخرين بتهمة "إفشاء أسرار عسكريه وتقديم المعونة للعدوان" في إشارة للتحالف العربي والشرعية.
 

وأدانت منظمات حقوقية، حينها، قرارات الإعدام الصادرة من مليشيا الحوثي الإرهابية، وأكدت أن تلك الممارسات تعكس العقلية الإقصائية الموغلة في انتهاك حقوق الإنسان في ظل صمت دولي مقلق؛ مشيرةً إلى أن تلك الأحكام يخالف مبادئ المحاكمة العادلة.
 

وشددت على أن تلك المحاكم التي تصدر هذه الأحكام الظالمة، هي محاكم منعدمة التأثير وباطلة وفقا لمبادئ القانون، كونها تخضع لإشراف جماعة مسلحة، ولا يمكن الاعتداد بحكمها، كون مليشيا الحوثي تعتمد على أحكام الجهات القضائية التي تسيطر عليها كغطاء لممارسة انتهاكاتها بحق خصومها السياسيين.
 

جريمة مُركّبة
 
لم تكتفي مليشيا الحوثي الانقلابية من إخفاء "محمد" ومنع أسرته من معرفة مصيره أو التعرف على أوضاعه، بل أوغلت في جرائمها لتصل إلى أسرته فتفقد أمه روحها وهي تنتظر لحظة خلاص لابنها المختطف.
 

ويقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي: "إضافة إلى التعذيب وجريمة الإخفاء القسري، يُحرم المعتقلون في سجون مليشيا الحوثي من عدد كبير من الحقوق كحق الزيارة أو العلاج، كما يتعرض ذويه للحرمان من تلك الحقوق".
 

ويضيف في حديث خاص لـ "يمن شباب نت": "جريمة الاختطاف والإخفاء القسري جريمة مركبة لا تخص المختطف فقط وإن كان هو الضحية الرئيسي، وإنما يشمل الأسرة التي يلحق بها أذى كبير جرّاء هذا الحرمان ـ كحالة محمد ـ، وهي جريمة تخالف كل الاتفاقيات وخاصة اتفاقية جنيف.
 

وتابع: "تم توثيق جرائم كثيرة للحوثيين والقصص الانسانية المتعلقة بجرائم حرمان الأمهات من زيارة أبنائهن المختطفين في سجون الحوثي وهي جريمة من أخطر الجرائم وأشدها قساوة لما لها من تبعات على الأسرة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر