ترسخ نفسها كقوة عسكرية على المدى الطويل.. ما الذي يعنيه استيلاء الإمارات على جزر اليمن؟

[ مصدر الصورة Shutterstock ]

قال موقع أمريكي "على الرغم من انسحاب الإمارات العربية المتحدة عسكريًا من اليمن في عام 2019، إلا أنها لم تغادر فعليا، فحتى يومنا هذا، لا تزال الإمارات تملك نفوذا كبيرا في البلد الفقير".
 

ووفقا لتقرير موقع «The Responsible Statecraft» الأمريكي، - ترجمة "يمن شباب نت" - الإمارات الآن تستغل نقاط الضعف في اليمن من خلال إنشاء موقع في جزيرة ميون وجزيرة سقطرى المحمية من قبل اليونسكو، هذا التعدي يهدد بإطالة الصراع المدمر في اليمن.
 

في البداية، شاركت الإمارات بشكل مباشر في الحرب كشريك في التحالف الذي تقوده السعودية، وفي عام 2019 سحبت جنودها من اليمن، حيث اعتبر البعض أن هذه الخطوة كانت مدفوعة جزئيًا بانتقادات دولية تتعلق بتأثير الحرب على المدنيين والأزمة الإنسانية.
 

وأضاف التقرير "ومع ذلك تحتفظ الإمارات بالعديد من الجماعات المسلحة غير الحكومية وتدعم حوالي 90 ألف جندي يقوضون الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، علاوة على ذلك تسيطر الإمارات على العديد من الموانئ والمطارات الرئيسية في اليمن".
 


حاليًا، يتم بناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية - وهي جزيرة بركانية قبالة اليمن تقع في نقطة اختناق بحرية لشحنات الطاقة الحيوية والبضائع التجارية، يمكن للجزيرة نفسها أن توفر قاعدة لأي عملية في البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا، علاوة على ذلك من السهل شن غارات جوية على البر الرئيس لليمن انطلاقا من الجزيرة، ويعد بناء القاعدة انتهاك لسيادة اليمن حيث لم يتم إبلاغ الحكومة اليمنية المعترف بها بشأن البناء. 


الإمارات تسيطر أيضا على جزيرة سقطرى، ففي حين تخضع سقطرى من الناحية الفنية لحكم المجلس الانتقالي الجنوبي - الانفصاليون الذين يدعون إلى استقلال جنوب اليمن - فإنها في الواقع تحت سيطرة الإمارات بحكم الأمر الواقع، وتقع الجزيرة بين البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا.
 

وذكر التقرير "نظرًا لموقعها الاستراتيجي (جزيرة سقطرى) بالقرب من طرق الملاحة الرئيسية، قامت الإمارات ببناء قواعد عسكرية في الجزيرة تستخدمها لجمع المعلومات الاستخبارية عن حركة المرور البحرية ومراقبة قنوات تداول النفط".
 

القواعد العسكرية الإماراتية والتأثيرات الأخرى تغير بشكل كبير إيقاعات الحياة اليومية في سقطرى/ حيث يعيش 60.000 نسمة على الجزيرة منذ آلاف السنين مع اتصال محدود بالعالم الخارجي، إن وجد.
 

حاليا، تمول الإمارات العربية المتحدة مشاريع البنية التحتية الكبرى في الجزيرة، ويشمل هذا الأرصفة والمستشفيات وشبكات الاتصالات التي تربط سقطرى بالإمارات - وليس اليمن.
 

وهي تجري إحصاءً سكانيًا خاصًا بها وتدعو السقطريين المؤثرين إلى أبو ظبي للحصول على رعاية صحية مجانية وتصاريح عمل خاصة، حتى أن هناك شائعات بأن الإمارات تخطط لإجراء استفتاء على الانفصال عن البر اليمني وأن تصبح رسميًا جزءًا من الإمارات، بحسب ما ذكر الموقع الامريكي.
 

كما تقوم الإمارات بجلب السياح إلى الجزيرة دون إذن من الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، لضمان حماية الجزيرة، يضع المسؤولون اليمنيون وسلطات الجزيرة إجراءات للسياحة البيئية لا تتبعها الإمارات، تأشيرات الدخول الحالية إلى الجزيرة مفصولة عن نظام الهجرة اليمني ولا تخضع الزوار للمتطلبات القانونية المعمول بها. 
 

ولبناء البنية التحتية السياحية والعسكرية، سرّعت الإمارات أعمال البناء في أجزاء من الجزيرة على الرغم من النظم البيئية الهشة، يصل السياح من دول الخليج وإسرائيل أسبوعياً في رحلة طيران مدتها ساعتان من أبو ظبي، في غضون ذلك، تمنع الإمارات دخول المواطنين اليمنيين إلى الجزيرة.
 

هذا أمر مقلق بشكل خاص لأن سقطرى هي واحدة من أكثر الجزر ثراءً بالتنوع البيولوجي في العالم، وهي تدعم أعدادًا كبيرة من الحيوانات على مستوى العالم، بما في ذلك عدد من الأنواع المهددة بالانقراض، سبعون في المائة من الجزيرة أراضي محمية ويوجد بها 700 نوع مستوطن. 
 

وأعربت العديد من المنظمات الدولية عن مخاوفها بشأن تصرفات الإمارات في سقطرى وآثارها الضارة على السكان والبيئة، حيث أعربت لجنة التراث العالمي لليونسكو عن مخاوف بشأن التدهور البيئي في الجزيرة، وتشمل هذه الاهتمامات التنمية غير المنضبطة، والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية، وإدخال الأنواع الغريبة والغازية، وتدهور الموائل.
 

في الآونة الأخيرة، صنف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة سقطرى كمنطقة ذات أهمية كبيرة، وبينما كانت سقطرى محمية بشكل جيد نسبيًا قبل الحرب، فإن التطور السريع في الجزيرة يأتي بشكل متزايد على حساب بيئتها الفريدة. 
 


نظرًا لأهمية الجزيرة، يجب أن تتحمل الإمارات المسؤولية عن تدمير النظم البيئية المتنوعة التي تستضيفها سقطرى - النظم البيئية التي تعايشت معها سقطرى لعدة قرون.
 

وكما يشير فارع المسلمي، زميل غير مقيم في المعهد الملكي البريطاني تشاتام هاوس: "لقد فاجأت الإمارات الجميع، حتى الإمارتين أنفسهم، بمدى أدائهم العسكري الجيد في اليمن، لقد كان لديهم تقريباً الحرية للسيطرة والتواجد في كل ما يريدون في البلاد، بما في ذلك الموانئ اليمنية، وهي تمثل جائزة لهم".
 

لكن سقطرى ليست جائزة، إنها نظام بيئي غني مع سكان أصليين، إذ خلق الموقع الرئيسي للجزيرة ثقافة فريدة متأثرة بالشرق الأوسط وأفريقيا والهند، يقدر السقطريين تراثهم وبيئتهم، التي تتعرض الآن للتهديد.
 

 ليست سقطرى مهددة فحسب، بل اليمن برمتها، فمن خلال بناء قواعد عسكرية في كل من سقطرى وجزيرة ميون، تنتهج الإمارات بقوة موقفًا متشددًا في اليمن، حيث ترسخ نفسها كقوة عسكرية على المدى الطويل.
 
على الرغم من الأعمال العدائية لدولة الإمارات في اليمن، قررت إدارة بايدن استئناف صفقة بيع أسلحة بقيمة 23 مليار دولار مع البلاد، هذا كارثي بالنظر إلى استمرار مشاركة الإمارات في الحرب داخل البر الرئيس لليمن، وكذلك انتهاكها العسكري للجزر اليمنية الذي يهدد بإطالة أمد الحرب.
 

أثبتت الإمارات أنها جهة معادية داخل اليمن، فكلما زادت الأراضي اليمنية التي تسيطر عليها، زاد العائق الذي تشكله أمام جهود السلام داخل البلاد، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يسمح للإمارات ببناء قواعد عسكرية غير شرعية على الأراضي اليمنية، خاصة على حساب أساليب الحياة المحلية وتدهور البيئة، سقطرى هي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو - وليس دبي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر