التدخلات الإنسانية عون المحتاجين في العيد باليمن (تقرير خاص)

حلّ عيد الأضحى المبارك هذا العام، ضيفاً ثقيلاً على ملايين اليمنيين ممن دفعتهم الحرب إلى حافة الفقر والعوز، في ظل ظروف معيشية صعبة وارتفاع جنوني للأسعار بالتزامن مع انهيار قياسي للعملة الوطنية وحرب تبدو مع مرور الأعوام وكأنها بدأت للتو.
 
ظروف صعبة كهذه ذبحت الفرحة التي انتظر اليمنيون أن يسترقوها لأيام من واقعهم البائس؛ لتغيب معها مظاهر الاحتفاء بالعيد من ذبحٍ للأضاحي أو لبسٍ للجديد أو التنزه في المتنفسات العامة، كما أن عدداً من محلات المكسرات شكت من عزوف كبير للمواطنين عن الشراء هذا العيد.
 
لم يكن لليمنيين عيد طوال سنوات الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الانقلابية؛ إلاّ أن العيد في هذا العام كان الأكثر صعوبة عطفاً على الانهيار القياسي للريال اليمني أمام الدولار الذي وصل إلى عتبة الألف ريال، ماأثر على أسعار الأضاحي التي تهم المواطن في عيد الأضحى، حيث وصلت أسعار الأضاحي "الخروف والماعز" من(130 ـ 150 ألف ريال).
 
وضع صعب
 
(عارف المليكي) ـ شاعر وتربوي من تعز ـ قال إن المواطن في تعز "عاش ظروف معيشية صعبة ومأساوية مع قدوم موسم عيد الأضحى المبارك لهذا العام في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار لحوم الأضاحي وملابس العيد، التي حالت بينهم وبين شرائها وتوفير كسوة العيد لأطفالهم، وإدخال البهجة والسرور على أسرهم".
 
وأضاف في حديثه لـ "يمن شباب نت"، إن "كثيرًا من الأسر اضطرت لشراء لحوم الدجاج، فيما عاشت بعضها صبيحة العيد دون أضحية كغيرها من الأيام، والبعض الآخر انتظرت ما يجود به فاعلي الخير وميسوري الحال".
 
وتابع: "يشكل الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأساسية، وانهيار سعر الريال، وتأخير صرف المرتبات، كابوساً مرعباً يؤرق حياة المواطن من ذوي الدخل المحدود، الذي فقد الكثير من قدرته الشرائية للمواد التموينية والسلع الأساسية، ناهيك عن الشريحة الكبيرة في المجتمع التي لا تمتلك أي من مصادر الدخل والذين فشلوا تماما في توفير الحد الأدنى من الخدمات الضرورية لأسرهم وعوائلهم بسبب الظروف".
 
من جهته قال (م. أ. م) ـ نازح من الحديدة في تعز ـ "إنه بات ليلة العيد ولم يعرف كيف سيوفر لحمة العيد لأطفاله".
 
وأضاف: "بسبب الظروف الصعبة اضطريت صبيحة العيد للبقاء في المنزل وألبست أطفالي ملابس العيد السابق التي جاد بها عليهم فاعلو خير، بانتظار الفرج من الله".
 
واستطرد: "بفضل من الله فرّج الله كربتنا قبيل الظهر حينما طرق بابنا أحد الجيران وأعطانا كيس لحم كفانا أنا وأطفالي ليومين".
 
الأيادي البيضاء "كانت الأطول"
 
رغم الارتفاع الجنوبي للأسعار وانهيار العملة وتوقف المرتبات وانحسار القدرة الشرائية لدى المواطن في محافظة تعز المحاصرة إلاّ أن الأيادي البيضاء كانت الأكثر طولاً وتمكنت من التطبيب على رؤوس كثير من الأيتام ورسمت البهجة والسرور على شفاه كثير من المحرومين.
 
(عبدالحكيم محمد) ـ أحد العاملين في المجال الإنساني ـ أكد أن دور المؤسسات الخيرية والانسانية في محافظة تعز ـ على سبيل المثال ـ كان لها الدور الأبرز في تخفيف المعاناة التي يعاني منها معظم سكان المدينة القابعة تحت وطأة الحصار والحرب منذ سبع سنوات في توفير لحوم الاضاحي التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير هذا العام".
 
وأوضح لـ "يمن شباب نت"، أن التدخلات الانسانية غطت غالبية سكان المدينة, حيث قدمت المؤسسات الانسانية آلاف الأضاحي لجميع فئات المجتمع فكان لهذا الدور أثر كبير في نفوس الناس.
 
بدوره (عمرو الحكيمي) ـ أحد المستفيدين ـ قال هو الآخر "لم يحصل أن توفرت لحوم الأضاحي للجميع في محافظة تعز كما حصل هذا العام".
 
وأضاف لـ "يمن شباب نت"، أن ذلك "أصبح حديث الناس بالشوارع نظراً لصعوبة دخول الاضاحي للمدينة المحاصرة وارتفاع أسعارها، وكان لها أثر كبير في تغطية احتياجات المجتمع بجميع فئاته".
 
وأبدى الحكيمي شكره وامتنانه لكل الجهات والافراد الذين ساهموا في تخفيف معاناة الناس سواءً بالأضاحي أو كسوة العيد.
 


في السياق تحدثت (ك. ب) ـ تربوية من إب ـ أن العشرات من المعلمين في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمحرومين من المرتبات منذ سنوات، لم يكن بمقدورهم شراء أضحية العيد هذا العام، واعتمد كثير منهم على المساعدات التي قدمها لهم مغتربون عبر مبادرات محلية.
 
وأضافت لـ "يمن شباب نت"، إن كثير من الموظفين وخاصة منهم المعلمين باتوا من أكثر الفئات فقراً خلال السنوات الأخيرة نظراً لانقطاع مرتباتهم ولذلك خصصت التدخلات الانسانية لمبادرتها هذا العام لهم.
 
النازحون وأسر الشهداء الأكثر استهدافاً
 
ركزت جمعيات ومنظمات انسانية هذا العام في تدخلاتها الإنسانية التي مولتها مؤسسات خيرية تركية وخليجية ويمنية، على فئات النازحين وأسر الشهداء بشكل أكبر تليها الأسر الأكثر فقراً.
 
وشملت التدخلات في غالبية المحافظات اليمنية إلاّ أن محافظتي مأرب وتعز كان لهما النصيب الأكبر من تلك التدخلات وفق كثير من المؤسسات.
 
(مجدي أحمد) ـ إعلامي في ائتلاف انساني بمأرب ـ أوضح لـ "يمن شباب نت" أنه وانطلاقاً من شعارنا "أينما يكون المحتاج .."، ركزت تدخلات ائتلاف "شركاء الإغاثة والتنمية"، هذا العام بشكل كبير على النازحين في محافظة مأرب، حيث جغرافيا الاحتياج التي مع الأسف تأخذ في الاتساع يوماً بعد آخر بفعل موجات النزوح المستمرة.
 
وأضاف: "استطعنا بحمد الله وبالتعاون مع السلطات المحلية في محافظة مارب ممثله بالوحدة التنفيذية ومكتبي الشئون الاجتماعية والعمل والتخطيط والتعاون الدولي وبالشراكة مع شركائنا المنفذين، بتنفيذ عدد من التدخلات الانسانية لآلاف الاسر خلال موسم الاضاحي".
 
وتابع: "حرصنا أن تصل تدخلاتنا إلى المحتاجين الحقيقيين، ولحاجتنا إلى الآلية وقاعدة البيانات لجأنا إلى الوحدة التنفيذية الذين كان له دور كبير في نجاح تلك التدخلات".

 

واستهدفت مؤسسات أخرى كالبادية ووصول الإنساني، ذات الفئات في عدة محافظات يمنية، فيما استهدفت مؤسسات تنموية في تعز كمؤسسة "رعاية التنموية" أسر الشهداء والجرحى والمعاقين.
 
وأوضح "عبدالحكيم محمد" أن المؤسسة قامت بتوزيع الأضاحي على آلاف الأسر التي فقدت عائلها والجرحى والمعاقين.
 
أرقام
 
استفادت نحو مائة ألف أسرة في عدة محافظات يمنية من التدخلات الإنسانية يوم عيد الأضحى المبارك وأيام التشريق، حسب التقارير التي رصدناها في هذا الإطار.
 
منظمة الوصول الإنساني ذكرت في بيانات منفصلة ـ في إحصائية غير نهائية ـ استهداف أكثر من 60 ألف أسرة بآلاف الأضاحي في مختلف المحافظات اليمنية، كأكثر المؤسسات تنفيذاً لمشروع توزيع الأضاحي.
 
وكان بيان للمنظمة كشف قبيل عيد الأضحى المبارك أن المنظمة ستستهدف نحو 100 ألف أسرة يمثلون 600 ألف شخص في عموم المحافظات اليمنية بنحو 13 ألف أضحية مختلفة.
 

 
من جهتها أعلنت مؤسسة البادية للتنمية بالتعاون مع ائتلاف صنعاء للإغاثة استفادة 18600 أسرة نازحة بمحافظة مأرب من مشاريع الأضاحي وكسوة العيد والمساعدات النقدية والغذائية خلال أيام عيد الأضحى المبارك.
 
واستهدفت مؤسسة رعاية التنموية في محافظة تعز، بأكثر من ١٥٠ ثور وأكثر من ٢٠٠ خروف وماعز أكثر من ٣٥٠٠ أسرة من الأسر التي فقدت عائلها وفئات المعاقين خلال أيام العيد.
 
واستفادت أكثر من 3 آلاف أسرة من محافظات (تعز، الحديدة، مأرب، صنعاء)  نازحة في مأرب، من مشروع الأضاحي التابع لائتلاف "شركاء الإغاثة والتنمية"، فيما استفاد نحو 8 آلاف أسرة نازحة ومحتاجة من مشاريع المواد الغذائية، إضافة إلى استهداف عشرات الأسر المعدمة بمشروعي المساعدات النقدية والإيوائية.
 
ورغم هذه التدخلات تبقى الاحتياجات الإنسانية أكثر بكثير، في ظل أسوأ أزمة انسانية في العالم وفقد تقديرات الأمم المتحدة.
 
وفي هذا السياق يقول (مجدي أحمد) الإعلامي الناشط في المجال الإنساني والإغاثي، "ندرك أن التدخلات الانسانية التي نقدمها مع كافة شركائنا على أهميتها لا تتناسب و حجم الاحتياج كما أنها غير قادرة على تلبية كافة المتطلبات للمحتاجين إلا أننا من خلال ما نقدمه نحاول أن نوقد شمعة في الظلام ونمسح دمعة ونخفف بعضاً من المعاناة والالم".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر