لماذا يشكل التفكك التدريجي لوحدة أراضي اليمن مصدر قلق لواشنطن والمجتمع الدولي؟

لنحو عقد من الزمان، تمزقت الجمهورية اليمنية بسبب النزاعات المسلحة المتعددة التي تشمل الجماعات المسلحة المحلية والدول الأجنبية، حيث أدت الاشتباكات إلى إضعاف الحكومة المركزية وقسمت البلاد إلى مراكز قوة محلية مختلفة.  


ووفقا لتقرير معهد «Warsaw Institute» الأوروبي (مقره بولندا) - ترجمة "يمن شباب نت" - "يعتبر التفكك التدريجي لوحدة أراضي اليمن مصدر قلق للولايات المتحدة وأعضاء آخرين في المجتمع الدولي، وذلك نظرا لأن صانعو السياسة يخشون من أن انهيار الدولة اليمنية يمكن أن يعزز الجماعات الإرهابية الدولية النشطة داخل شمال اليمن".


وأضاف، أن ذلك أيضاً "يزعزع استقرار ممرات الملاحة الدولية الرئيسية بالقرب من مضيق باب المندب، بالإضافة الى أن من شأنه أن يوفر لإيران فرصة لتهديد حدود المملكة العربية السعودية".

وأشار التقرير بالقول "إلى جانب القضايا الجيوستراتيجية، أدى انهيار المؤسسات اليمنية خلال الحرب إلى تفاقم الظروف المعيشية المتردية بالفعل في هذا البلد العربي الأكثر فقراً، ذ تعتبر الأزمة اليمنية من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم".  


ولفت إلى أن معارضة الضربات الجوية للتحالف ضد أهداف مدنية اكتسبت زخما في الولايات المتحدة وأجزاء من أوروبا، مما أدى إلى جدل في الكونجرس الأمريكي وإقرار تشريع يحد من الدعم الأمريكي للتحالف، حيث سلط أعضاء مجلس الشيوخ الضوء على دعم إيران للحوثيين كعامل رئيسي في زعزعة استقرار اليمن. 
 


منذ أوائل مارس 2021، واصلت قوات الحوثيين شن هجمات على قوات الجمهورية اليمنية في محافظة مأرب، وهي آخر معقل شمالي للحكومة اليمنية، حيث يعيش ما يقدر بنحو 800,000 نازح داخليًا في أجزاء أخرى من البلاد. 


كما تعتبر مأرب أيضًا مركز قطاع الهيدروكربونات المتواضع في اليمن، وعلى الرغم من أن البلاد تستورد أكثر من 90 في المائة من النفط والغاز، فإن مصفاة النفط في مأرب توفر ما يقرب من 8 في المائة من إجمالي احتياجات اليمن من الطاقة، وفي عام 2020 شن الحوثيون عمليات هجومية في مأرب في محاولة لزيادة مكاسبهم الإقليمية.  


وفي ديسمبر 2020، انضم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات رسمياً إلى حكومة الوحدة مع الحكومة اليمنية، منهياً عدة سنوات من الاشتباكات في عدن بين الانفصاليين الجنوبيين والقوات الموالية للرئيس هادي، لكن ومع وصول أعضاء الحكومة الجديدة إلى مطار عدن لتولي مواقعهم، شن الحوثيون هجومًا صاروخيًا منسقًا على المطار أسفر عن مقتل 25 شخصًا، بينهم ثلاثة من أعضاء الصليب الأحمر الدولي.


في عام 2019، سحبت الإمارات رسميًا وحدتها العسكرية الرئيسية من اليمن، واحتفظت بوجود عسكري صغير في الجزء الجنوبي من البلاد وحافظت على التعاون مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ووفقًا لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، تعمل الإمارات على اعادة السلطة الشرعية في اليمن، ومع ذلك فإن دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي يضعف هذه الحجة.


وأدى نقل التكنولوجيا الإيرانية والمساعدة العسكرية للحوثيين، في انتهاك لحظر الأسلحة الدولي (قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216)، إلى زيادة قدرة الحوثيين على تهديد المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، ووفقًا لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، هناك أدلة متزايدة على أن أفراد أو كيانات من جمهورية إيران يزودون الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة والمكونات.


وقد وصفت الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم اليوم، إذ أن ما يقرب من 80٪ من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة، في اليمن تسببت عوامل لا حصر لها (على سبيل المثال، الحرب، وفقدان الخدمات الصحية، ونقص الموارد المالية، وانخفاض قيمة العملة) في تعريض السكان الأكثر ضعفاً، للخطر.
 


حيث وصل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، وفقًا لمختلف وكالات الأمم المتحدة، بحلول عام 2021، كان هناك ما يقرب من 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر سوء التغذية الحاد.


لم يعلن المجتمع الدولي رسميًا عن حدوث مجاعة في اليمن، ومع ذلك فإن انعدام الأمن الغذائي بين الكثير من السكان آخذ في الارتفاع، ووفقًا لتصنيف الأمم المتحدة المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) لليمن لعام 2020، يمكن أن يعاني 54٪ من السكان (16.2 مليون) من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في النصف الأول من عام 2021، ومن هذا العدد، وفقًا لتوقعات الأمم المتحدة، فإن حوالي  11 مليون شخص من المحتمل أن يكونوا في حالة أزمة (IPC المرحلة 3)، و5 ملايين في حالة طوارئ (IPC المرحلة 4)، و 47000 في حالة كارثة (IPC المرحلة 3).


ولطالما وثق عمال الإغاثة التحديات العديدة للعمل في اليمن، مثل عدم الوصول إلى المناطق التي تحتاج إلى المساعدة، ونظراً لانقسام اليمن إلى مراكز قوة مختلفة، كان على وكالات الإغاثة أن تتنقل بين القوانين والأنظمة المتنافسة بين المناطق الشمالية والجنوبية من البلاد، وأحيانًا داخل محافظات معينة.


ونظراً لأن الحوثيين أصبحوا أكثر رسوخًا في شمال اليمن حيث وضعوا أعضاء بارزين في الحركة في مناصب في السلطة، أصبحت القيود المفروضة على وكالات المساعدات الإنسانية أكثر صعوبة، وتعد السيطرة على المساعدات وتحويل مسارها إحدى الطرق التي تستخدمها قوات الحوثيين وشركائهم وأطراف النزاع الأخرى لتمويل عملياتهم.


تسبب وباء كوفيد -19 في مخاوف إضافية للنظام الصحي اليمني المستنفد بالفعل، إذ تظهر إحصائيات الأمم المتحدة بأنه اعتبارًا من ديسمبر 2020 حدوث 2103 حالة إصابة و611 حالة وفاة، ويعتقد معظم خبراء الصحة أن هذه الأرقام تقلل بشكل كبير من حجم الوباء، وقد قامت الأمم المتحدة بتخزين المعدات الطبية ومجموعات الاختبار والأدوية أثناء سعيها للحصول على إمدادات إضافية، ورفعت مجموعات الإغاثة سعة وحدات العناية المركزة في المستشفيات من 38 في مايو 2020 إلى 59 في ديسمبر 2020.


ورفعت الولايات المتحدة عقوبات مكافحة الإرهاب التي فرضتها إدارة ترامب على الحوثيين وفرضت عقوبات إضافية على قادة الحوثيين لاستخدامهم السلطات اليمنية الخاصة، ووفقًا لأحد التقارير، يقوم المسؤولون الأمريكيون حاليًا بتقييم المبيعات الحالية والمحتملة للمعدات الأمريكية والتدريب للسعودية لتحديد الدعم الأمريكي الذي يمكن اعتباره دفاعياً.


كما قامت إدارة بايدن بإجراء عدد من التغييرات على سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن بهدف التأكيد على الجهود السلمية لتحقيق الاستقرار في البلاد وإعطاء الأولوية للجهود المبذولة لمعالجة الأزمة الإنسانية.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر