"تفاؤل حذر".. هل تنجح مشاورات عمّان بإنهاء الحصار الحوثي عن مدينة تعز؟ (تقرير خاص) 

[ وقفة إحتجاجية في تعز تطالب بفتح الحصار الحوثي عن تعز الثلاثاء 24 مايو 2022 ]

يسود تفاؤل حذر في أوساط مواطنين بمدينة تعز اليمنية قبيل انطلاق مشاورات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المدعومة من إيران لمناقشة فتح الطرقات المغلقة برعاية الأمم المتحدة، وتستضيف العاصمة الأردنية عمّان يوم غدٍ الأربعاء أول اجتماع بين ممثلين من الحكومة والحوثيين بشأن فتح طرق في محافظة تعز. 

وقال مصدر حكومي لـ"يمن شباب نت"، إن "النقاشات ستركز على فتح الطرق المغلقة في تعز، إلى جانب قضايا أخرى تتمثل في منع الحوثيين وصول إمدادات المياه وخطوط نقل التيار الكهربائي إلى المدينة". 

تأتي هذه المشاورات قبل نحو أسبوع على انتهاء الهدنة الأممية التي بدأت في الثاني من إبريل/نيسان الماضي ومدتها شهرين، وتتضمن في بنودها البحث في فتح الطرق في تعز، للتخفيف من معاناة السكان. 

وتخضع مدينة تعز (عاصمة المحافظة) التي تحيط بها الجبال، لسيطرة قوات الحكومة الشرعية، لكن الحوثيين يحاصرونها من ثلاث جهات منذ سبع سنوات، ويقصفونها بشكل مستمر. 

وهناك طريق وحيد يربط مدينة تعز بالعالم الخارجي وهو طريق هيجة العبد، وهو يعاني من الحفريات والتعرجات الوعرة الأمر الذي تسبب في توقف حركة السير أكثر من مرة. 

وهذا الطريق الوحيد الذي لا يخضع لسيطرة الحوثيين، ويقع جنوبي محافظة تعز، على منحدر جبلي يصل ارتفاعه إلى 3 آلاف متر عن سطح البحر، وفيه يتواجد نحو 47 منعطفًا منها 27 شديدة الانحدار. 
 


اختبار "أممي"

يصف الموظف الحكومي عبد الحكيم الشرعبي، المشاورات بـ"الفرصة" للكشف عن مدى نوايا الحوثيين في إنهاء الحصار، مشيرًا إلى أن المشاورات تمثل "اختبار حقيقي للأمم المتحدة وقدرتها على تنفيذ كافة بنود الهدنة بدون انتقائية وتحيز". 

وتتضمن بنود الهدنة وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية، ودخول سفن الوقود إلى موانئ الحديدة (غرب) وتسيير رحلات جوية تجارية من وإلى مطار صنعاء بواقع رحلتين أسبوعيا إحداهما لمصر والأخرى للأردن. 

ويقول الشرعبي لـ"يمن شباب نت"، إنه "متفائل هذه المرة بالمشاورات، خصوصًا بعد تزايد الضغوطات الدولية على الحوثيين برفع الحصار عن مدينة تعز". 

وأضاف: "نتمنى نجاح المشاورات بفتح كافة الطرق كي يتسنى لنا التنقل بحرية وبزمن قياسي. أريد أن أعبر الطريق إلى منطقة الحوبان بعشر دقائق بدلًا من الساعات الطويلة، عبر طرق خطيرة. تعبنا من الحصار المفروض علينا". 

كانت الطريق من مدينة تعز الى الحوبان (شرق المدينة)، تستغرق 15 دقيقة، لكن منذ عزل الحوثيين المدينة عن بقية مناطق اليمن، باتت تستغرق وقتا طويلا قد يصل لثماني ساعات، وفي بعض الأحيان تتضاعف المدة بسبب عوامل طبيعية مثل تضرر الطرق، جراء الأمطار أو غيرها من العوامل. 

 
تفاؤل حذر

أما بالنسبة لتوفيق منصور، الذي يعمل سائق مركبة مواصلات، فإنه لا يتوقع خروج المشاورات بنتائج مرضية للطرفين؛ لافتًا إلى أنه "اعتاد أن يسلك الطرق الوعرة ويواجه المصاعب بسبب الحصار"، حد تعبيره. 

ويقول لـ"يمن شباب نت": "يجب علينا أن لا نرفع سقف تفاؤلنا وطموحنا بأن المشاورات ستلبي مطالبنا، حتى لا نصطدم في حال لم يتوصلوا إلى نتائج إيجابية تنهي هذه المعاناة التي نعيشها كل يوم". 

وللوصول إلى مديريات تعز الخاضعة لسيطرة الحوثيين وبقية محافظات شمال البلاد، يضطر المواطنين وسائقي المركبات إلى أن يسلكوا طرقا جبلية وعرة؛ الأمر الذي أدى تزايد الحوادث المرورية وسقوط ضحايا فضلًا عن ارتفاع تكاليف النقل بشكل مضاعف، ونقصٍ حادٍّ في الغذاء والدواء. 

وكغيره من سكان تعز، يأمل منصور أن تكون نتائج هذه المشاورات "مختلفة عن سابقاتها التي كان مصيرها الفشل واستمرار المعاناة". 
 


"منافذ محدودة"

بدوره، يتوقع الناشط السياسي، هشام حمود، أن يتم خلال المشاورات الحالية الاتفاق "على فتح منافذ محددة وليس الجميع والعبور من خلالها سيكون بوقت مخصص". 

ويقول لـ"يمن شباب نت": إنْ حدث وتم الاتفاق على هذا فلن يوافق الحوثيون إلا بشروط سيستخدمونها لاحقًا لنقض الاتفاق، حد تعبيره. 

ويرى أنّ "الحوثيون يعتبرون حصارهم لتعز معركة رئيسية والتنازل عن الحصار يعني خسارتهم للمعركة. لذلك سيخلقون أي عذر لنقض الاتفاق هذا إن حدث اتفاق أصلًا". 

وتشترط الحكومة الشرعية رفع الحصار كاملًا على تعز "بشكل عاجل ودون أي شروط"، وطلبت من فريقها المفاوض "بعدم السماح للحوثيين بتشتيت النقاشات في المباحثات". 

والثلاثاء، أكد رئيس الوزراء معين عبدالملك خلال لقاء الفريق الحكومة المفاوض في العاصمة المؤقتة عدن، على "أهمية معالجة المعضلات الأخرى التي تعانيها تعز جراء الحصار الذي يفرضه الحوثيون". 

وحمّل عبدالملك المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤولية "مماطلة مليشيا الحوثي وتنصلها عن تنفيذ ما يخصها وفق الهدنة"، مطالبًا بـ"تسمية من يعرقل السلام واتخاذ عقوبات رادعة ضده". 
 

مبادرات "فاشلة"

خلال السنوات السبع الماضية، أُعلن عن عدة مبادرات محلية وأممية لإنهاء الحصار على مدينة تعز، الذي تصفه منظمات حقوقية بأنه الأطوال في تاريخ العصر الحديث، لكن تلك المساعي باءت بالفشل. 

وكان أول حضور يسجله ملف حصار تعز في المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة والحوثيين في ديسمبر/كانون الأول 2015 خلال مشاورات استضافتها مدينة "بيل" السويسرية، لكنها انتهت بلا نتائج. 
 


وفي أبريل/نيسان 2016 تشكلت لجان تفاوض فرعية في العديد من المحافظات انبثقت عما سمي بـ "اتفاق ظهران الجنوب" بالسعودية، بين الحكومة والحوثيين، من ضمنها لجنة تخص محافظة تعز كانت أبرمت اتفاقا مع الحوثيين بشأن فتح المنافذ لكن الحوثيين عادوا ونكثوا بالاتفاق وشددوا الحصار على المدينة، وأطلقوا النار على اللجنة. 

وخلال عامي (2018- 2019)، أُعلن عن تشكيل لجان محلية لإنهاء الحصار، ومبادرة تقدم بها الحوثيين، لكن في نهاية الأمر أخفقت تلك المساعي لاسيما وأن الحكومة كانت تتمسك بفتح كافة المنافذ المؤدية إلى مدينة تعز، فيما الطرف الآخر يشترط فتح منفذ واحد. 

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، وقعت الحكومة في العاصمة السويدية مع الحوثيين، اتفاق "ستوكهولم" الذي تضمن بنودا إنسانية حيوية، بينها "تفاهمات" لفك الحصار عن تعز. 

واتفق الطرفان حينها برعاية أممية، على تشكيل لجنتين من الحكومة والحوثيين، مهمتها مناقشة آلية لحل الوضع الإنساني في تعز، وعودة الأوضاع إلى ما قبل الحصار، لكنه لم يتم إحراز أي تقدم بهذا الجانب.  
 

تظاهرات مستمرة

منذ مطلع 2015 شهدت تعز مئات التظاهرات الشعبية والحملات الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي نددت باستمرار الحصار الذي يفرضه الحوثيون على المدينة. 

ومنذ أسبوعين تشهد المدينة احتجاجات يومية للمطالبة بفتح كافة طرق تعز، وسط اتهامات شعبية للأمم المتحدة بالتواطؤ مع الحوثيين. 

يقول رئيس المركز الأمريكي للعدالة، المحامي عبدالرحمن برمان لـ"يمن شباب نت"، إن الهدنة "فرصة مناسبة جدا لعملية فتح الحصار عن المدينة وانهاء معاناة المواطنين". 

وأضاف أنه "بعد أن تم فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة يجب إنهاء الحصار عن مدينة تعز وعن كل المدن وإزالة كافة الحواجز التي تعيق تنقل المواطنين". 

ولفت إلى أن حق التنقل "حق مكفول بنص في الدستور والاتفاقيات الدولية ولا يجوز تقييد هذا الحق بأي قيود". 

وتشير منظمات حقوقية محلية إلى أن أعمال القصف والقنص التي نفذها الحوثيون على سكان المدينة أسفر عن مقتل 3590 مدنيا بينهم 761 طفلا و347 امرأة، فيما أصيب أكثر من 13 ألف شخص، منذ بداية الحرب في البلاد عام 2015. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر