هل انتعش الحراك الثقافي في زمن الحرب في اليمن؟ (تقرير خاص)

 ليس من المستغرب أن يكون معظم إنجازي هو في سنوات الحرب. في عام 2015، بعد توقف عملي في الصحافة، انشغلت بكتابة "نادل"، وهي رواية لم أنشرها لأسباب فنية، ثم تلا ذلك رواية "نزهة الكلب"، التي نشرت عن دار أروقة في القاهرة سنة 2017، وبعد ذلك رواية الحقل المحترق نشرت في العام 2021 عن دار خطوط وظلال للنشر، وفي بداية العام 2023، نشرت عملي الثالث "مزاج الجائع"، وهو عبارة عن قصص.
 
هكذا يتحدث الروائي والقاص ريان الشيباني لـ"يمن شباب نت" عن تجربته مع الكتابة في زمن الحرب حيث يستدرك "لكن لا يمكن الحديث عن المنجز في ظل الحرب إلا إذا اقترن هذا الأمر بمحاولة التعافي منها، ومقاومتها بالكتابة ومواصلة الحياة. دائمًا ما أقول إنه إذا كان للحرب من حسنات فهي تجريدنا من أوهامنا، بما في ذلك خلق فرص الانتقال من وضع إلى وضع".
 
الثقافة في ظل الحرب
 
الروائي والقاص الشيباني هو واحد من المثقفين اليمنيين الذين أثروا المكتبة اليمنية بالإصدارات في زمن الحرب، حيث شهدت فترة الحرب طفرة بالإصدارات الشعرية والروائية والقصصية، بالإضافة لكتب نقدية وفكرية وسياسية صدرت بالغالب عن دور نشر خارج اليمن.
 
وعن الحراك الثقافي اليمني بشكل عام في زمن الحرب، يقول "الشيباني" إنه من الطفرات الغريبة، هو ازدهار بعض الفنون في ظل الحرب، ومن ذلك فن كتابة الرواية، وهذا الانفجار في الكتابة، سيكون له بالتأكيد أثر، إذ أن الكم دائمًا ما ينتج كيف. والاتجاه نحو السرد، هو تعبير عن ما تحتاجه المرحلة. لا شيء يمكن أن يشرح الحرب والدمار اللذان حاقا بالبلد، غير النص والجملة الطويلة".
 
ويرى "الشيباني" أن الحرب في النهاية هي تعبير عنيف عن الحاجة للتغيير. لا أستطيع أن أقيّم تأثير الحرب على الحركة الثقافية اليمنية إيجابيًا أو سلبيًا، لكن ما أستطيعه هو رؤية كرة النار وقد تدحرجت، وفي طريقها هناك شيء ما يتخلق على كافة المستويات، والكتابة ليست استثناء هنا.
 
وقال،" الشيء الآخر الذي لاحظته، وقد يشكل في جانبه الآخر ملمحًا إيجابيًا، هو كسر الكِتاب اليمني لجدار صنعاء، أي العزلة كما كان يسميها الشاعر اليمني الراحل عبدالعزيز المقالح". فانتقال مسألة النشر إلى الإقليم، ومشاركة الكتاب في المعارض الدولية، من شأنه تحرير النص من محليته، ونقله إلى مستوى عربي أوسع".
 
طفرة في الإصدارات
 
استطاع الكاتب أحمد الأغبري خلال الحرب إصدار كتابين متمثلين في كتاب "أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة" وكتاب "اليمن من الداخل- المكان شاهدا"؛ بالإضافة إلى ذلك هناك ثلاثة كتب تنتظر الإصدار، ويتمنى أن يتمكن من إصدارها وإخراجها للنور قريبا.
 
في حديثه لـ"يمن شباب نت" يرى الأغبري أن الحراك الثقافي اليمني خلال الحرب كان حاضرًا وفاعلا؛ وأبرز مظاهره تتجلى في الكتاب اليمني الذي شهد خلال الحرب طفرة في الإصدار إن جاز الوصف.
 
وقال، "أعتقد أن ما صدر من الكتاب اليمني خلال سنوات الحرب الثمان كان مفاجئا من حيث الكم والنوع مقارنة ببلد يشهد حربا وتدهورا معيشيا .. لذا فصدور هذه الكتب يمثل تحديا لتداعيات الحرب، ويعكس في ذات الوقت مدى تمسك اليمني بالحياة وانحيازه للجمال".
 
ويشير "الأغبري" إلى أن تأثير الحرب على الحركة الثقافية اليمنية كان سلبيا؛ فالحرب هي الحرب في كل مكان، ويبقى تأثيرها السلبي أكثر حضورا مقابل أي تأثير إيجابي يمكن أن نتحدث عنه، لقد توقف نشاط معظم المؤسسات الثقافية، وانقطع تنظيم معرض صنعاء الدولي للكتاب، وتوقف وصول الكتب والاصدارات الصحفية والثقافية عموما لليمن، وتراجعت أجندة الأنشطة الثقافية كثيرا، وتدهورت الحياة المعيشية التي تنعكس على مجمل اهتمامات الانسان الثقافية، وعلى الرغم من ذلك لم يتعثر المشهد الثقافي أو يتوقف، بل استمر وسجل حضورًا واضحًا، وبخاصة على صعيد الكتاب كما سبقت الإشارة".
 
وتعد مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، ودار النشر عناوين (books) دور نشر أصدرت أعمال الكتاب اليمنيين في زمن الحرب، في ظل توقف معظم دور النشر في الداخل اليمني، وهو ما أعطى للكتاب اليمنيين فرصة للانتشار في المحيط العربي، خاصة مع عرض أعمالهم في معارض الكتاب التي تقام في القاهرة وجدة والشارقة ومدن عربية أخرى.
 
وتأتي طفرة الاصدارات في ظل تنصل الجهات والمؤسسات الحكومية الثقافية عن القيام بدورها في دعم المثقفين ودعم الحركة الثقافية وإنعاشها، ما يجعل الحراك الثقافي مستندا على المبادرات الفردية للمثقفين ودور النشر.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر