البقاء في اليمن الكبير


محمود ياسين

احتفظوا بهذا وتذكروه جيدا.  يوما ما وليس بعيدا وليته لا يحدث الذي أنا متيقن من حدوثه، وهو أن اصحابنا الجنوبيين لن يتمكنوا من الانفصال حتى وأنهم سيخوضون مواجهات عنيفة وحرب أهلية جنوبية ضارية.
 
وتذكروا أن كل هذا الهجاء لصنعاء سيتحول عند أغلب الشخصيات إلى إطراء وأن صنعاء التي تتلقى الآن كل هذا التعنيف اللفظي ستكون ملاذهم آخر المطاف، ولن يجدوا غيرها.
 
البلد لكل يمني والملاذ ليس حكرا ولا هبة، وهجاء صنعاء لن يقلل من عشقنا لعدن وحرب الأخوة لن تجعلنا حكماء ومتمتعين ببصيرة زرقاء اليمامة، إنها خطيئة كل يمني هذه الحرب طالما وهي تفصح عن وحشيتها في أي شارع يمني.
 
تمر بألاف التعليقات وتود لو أن جنوبيا يصادفك هناك يتحدث إليك كيمني ويريد إقليما ضمن اليمن الكبير على الأقل، تود لو يتلقى الجنوبيون حبك لهم بوصفك يمنيا وليس شماليا يتملق حظهم الذي يظنونه مواتياً.
 
هذه هبة إماراتية دولية ترعى في الجنوب ردة الفعل العمياء وستقصي أي مستبصر جنوبي يسعى لنيل استقلالية عن صنعاء والبقاء في اليمن الكبير، أو ذلك الذي يفتح نقاشا مع الشمال بالمنطق وليس بالانفعالات وأوهام التميز.
 
لا أحد أكثر ميلا للعنف من الآخر، لا مدنية متفوقة ولا أحداث تستحق كل هذه الضغينة، لا اغتصابات ولا مقابر جماعية ولا عمليات تطهير عرقي بعد، كلنا يمنيين أبرياء حتى في عنفنا للآن.
 
والنبوءة البغيضة أول هذا المنشور لا تعتمد تواصلا بالميتافيزيقا إذ لا يجلس على كتفي شياطين أو ملائكة، انها أبجد استقراء الحتميات، والإشارة لكون صنعاء ستكون الملاذ ليست تقريرا عن اتضاح حقيقة أخلاقية أفصحت عن كون العاصمة هي المدينة "الكوزموبوليتيك".
 
ونحن كنا نظنها عدن هي الجديرة بالمصطلح الكوزموبوليتيكي، لا أحد منا كذلك فالمصطلح للمدن التي تتعايش فيها الثقافات والعرقيات واللغات والديانات، أما نحن فيمنيون فحسب ولا فواصل تستدعي الاحتفاء بآمال التعايش بوصفه انجازا متقدما، إذ ان التعايش ليس عملا مبهرا ومتسامحا بين أفراد عائلة واحدة.
 
وكلما هنالك أن عدن التي لم يعد لدينا فيها مكان يتم إعدادها الآن لتضيق مستقبلا ببقية فصائل مناطق الجنوب وحيث سيتمكن فصيل واحد من طرد البقية بعد أن قمنا جميعا بطرد الدولة التي كانت حمايتنا الوحيدة وبوابة بيتنا الكبير.
 
في انتظاركم بصنعاء ومتيقن من وصولكم يوما وأتمنى أن لا تأتوا هاربين ولكن متنقلين بين مدن بلادكم دون حاجة لحرب ولت نبوءة لعينة.
 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك "العنوان اجتهاد المحرر"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر