غادروا البلكونة إخوتي!


وليد علوان

جيء به وأتى ومستعدا لبيع الجمل بما حمل، وهو دور خياني يستدعي إحداث الكثير من الجلبة لإشغال الناس عما هو بصدده.

هو يفعل كل ذلك بدافع وحيد: أكبر قدر من الربح الشخصي في هذا السوق الذي يوشك أن ينفض. هو في المقابل لا يعنيه المجد ولا يهتم بالتاريخ.

خذ مثلا، مثلا: تندلق الضفعة من (...) البقرة وتبقى عند الأقدام، لا شيء وراء ذلك تتطلع إليه الصفعة.

أين كنا؟! عند الجلبة. اختر موضوعا يثير الجدل ويشغل الناس، ضع عليه بعض النشطين والمستعدين، واجعلهم يبتكرون قصة في كل يوم، بينما أنت هناك تغرق في الخيانة بعيدا عن الضوء.
دعوني أكرر لكم هذه الحكاية المضحكة:

رجل يريد أن يتسلق الشجرة، وولده يلازمه وأمه ولا يعطيهما الفرصة للبوح، اهتدى الرجل لحيلة: يطلب من ولده البقاء في البلكونة خلال ذلك الوقت ورصد كل ما يدور في الشارع مقابل جائزة مالية، ولا يعود إلى الداخل إلا حين يأذن له.

في اليوم الأول، يخرج الولد إلى البلكونة، يمضي وقت يسير، يناديه أبوه ليسأله ماذا لاحظ في الشارع، ويجيب الولد: لا شيء يسترعي الانتباه سوى أن جارنا كان يتسلق الشجرة! يصعق الأب بجواب ولده ويسأله باستغراب: وما أدراك يا قليل الأدب؟! يرد الولد: كان ابنه في البلكونة!

هذا بالضبط ما يحدث.. تفعل الأشياء الأكثر خطورة في الغرف المظلمة، ويشغل الناس بالقصص التافهة.

ستقول إن معظم السائرين في هذا التيار أناس وطنيون وشرفاء ويستحيل أن يتواطؤوا على الضرر بوطنهم. أنا متأكد من ذلك، صادقون ورائعون ومتحمسون وباحثون عن حل، لكن المخرج يستخدم كل هذا الحشد لإحداث الجلبة بعيدا عن غرفته المغلقة، ولن يأبه بهم بعد ذلك، كما أنه لن يخشى منهم بعد أن يتم (...) التاريخية.

نحن "مذلون مهانون" يا صديقي، والأقسى: أننا مخدوعون؛ بينما يحاول الجناة الإجهاز الأخير على وطننا العزيز، يخرج الكثيرون من أبنائه إلى البلكونة!
 

*من صفحة الكاتب على "فيسبوك"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر