اندفعت السعودية نحو الحوثي لإبرام صفقة كي تخلص من ازعاجه وابتزاز أمريكا لها بالخطر الإيراني. وكانت قبلها قد تقاربت مع إيران بوساطة صينية.
 
كان ثمن الصفقة هو الحكومة الشرعية والثروات الوطنية ومجرد تعميد للأمر الواقع لا أكثر دون اكتراث لا بمصير اليمن كاملاً ولا مصير الجنوبيين، في حال نجحت الصفقة كانت السعودية ستتخفف من وطأة شراكتها الامريكية وستمضي في مشاريعها وشراء أمنها بتسمين قراصنة العصر.
 
عملياً، دول التحالف تتهافت على خلق استقرار هش يعكس اضطراب مزاج لا حسابات استراتيجية. كما كان الدخول في الحرب في اليمن لدعم الشرعية بلا تصور نهائي سيكون الخروج.
 
الصفقة خطوة جريئة تحالفية لتجاوز الإطار العام الناظم للشأن اليمني.
 
ربما اعترضت امريكا على الصفقة وشددت الأمم المتحدة اللهجة على أن أي حل في اليمن ينبغي أن يكون تحت مظلة الأمم المتحدة. مع أن أمريكا لا تريد القضاء على الحوثيين بأي حال ولا تريد وضع حدٍ للسلوك المقامر الإيراني.
 
إلى جانب اعتراض أمريكا المحتمل، لا تستطيع الصين تقديم ضمانات حقيقية لا على أيران ولا على الحوثيين. الصين استراتيجيا غير مؤهلة لبناء سلام عالمي. لأنها قوة عسكرية محدودة الإطار ويصعب عليها الخروج من روح التاجر إلى روح الجندرمة الدولي. لا حل للملف النووي أو لجم المليشيات الإيرانية.
 
كما أن مضمون الصفقة السعودية الحوثية غير قابل للتطبيق. لأن فكرة تقاسم ثروة شعب مع جماعة مسلحة وطائفية غير ممكن ليس اخلاقياً وقانونياً فحسب بل عملياً. خصوصا بعد تعطيل تصدير النفط. الصفقة طعنة غادرة لنص وروح التحالف العربي. ونشأت إما لأن التحالف ضل الطريق أو قرر الاعتراف بالهزيمة.
 
لكن الوجه الايجابي في الصفقة الفاشلة هو كشف جوانب أخرى من الملف اليمني الذي ظلت الدبلوماسيات ومراكز الأبحاث تختزله في صراع إقليمي بالوكالة.
 
ظهرت أبعاد الصراع في اليمن وقضاياه المزمنة ومنها المسألة الجنوبية. كما أن الحوثي افتضح وهو يلهث وراء مال السعودية وتعميده للانفصال.
 
فشل الصفقة أو وصولها إلى طريق مسدود يخصم من مصداقية المملكة العربية السعودية وقدراتها الدبلوماسية إقليمياً. لكنه يفرض المرجعيات كحلٍ معقول للمشكلة اليمنية.
 
تجاوز الشرعية لصدمة وصول سفير السعودية إلى صنعاء وتبختر الحوثيين يضعها أمام مسؤوليتها ويعيد مكانتها كمدخل للسلام العادل. كما ان الصفقة بتجاهلها المسألة الجنوبية كشفت ان الانفصاليين يمكنهم أيضا إفساد الإرادة السعودية في الملف اليمني.
 
أمام التزام السعودية بسلام يمني واعلانها بسلامة اليمن ها هي تحاول لملمة المسألة الجنوبية بدعوة الحضارم نحو تطمين هش. ومجلس القيادة يتعرى أكثر فأكثر من دعم التحالف.
 
الان كيف ستعمل السعودية مع امريكا؟
قد لا يهمها امتعاض أو استياء الشرعية لأنها لا تهتم لشراكة استراتيجية مع الأطراف اليمنية سواء الانفصاليين أو الجنوبيين بصفة عامة أو الشرعية وحزب الإصلاح الذي اتكأ على السعودية كثيراً أو حتى الحوثي الذي سيقبل بتقسيم البلاد مقابل ان يقبض الريال السعودي.
 
تتعقد العلاقة السعودية الامريكية. غريب أن يكون الشأن الحوثي طرقة جديدة في جدار علاقة استراتيجية دامت عقودا.
 
من الجيد أن تعي السعودية ما يراد لها في حرب اليمن وأن تخفف بؤر التوتر حولها.
 
أهم منه ابتكار إطار ملائم للسلام يحفظ لها مكانتها كشريك مأمون وفاعل جاد حرباً وسلماً.
 
 
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر