بعد وفاة أحد موظفيها في سجون الحوثي.. كيف تعاملت واشنطن مع هذه الجريمة؟ (تقرير خاص)

[ مسلحون حوثيون في العاصمة اليمنية صنعاء (EPA) ]

أثار البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، بشأن وفاة أحد موظفي سفارتها باليمن، داخل سجون الحوثي في العاصمة صنعاء، استياء واسعًا، وسخرية لما اعتبروه تواطؤ أمريكي تجاه الجرائم الحوثية بحق اليمنيين.
 
وكان المواطن اليمني "عبد الحميد العجمي"، والموظف في السفارة الأمريكية بصنعاء، قد توفي الثلاثاء الماضي، داخل سجون الحوثيين بصنعاء، إثر تدهور حالته الصحية، بعد مرور قرابة ثمانية أشهر على اختطافه.
 
والعجمي كان يعمل في السفارة الأمريكية بصنعاء، كمختص في مجال التعليم، وعانى منذ اختطافه من أمراض عديدة من بينها الكلي، حيث تضاعفت معاناته؛ نتيجة منع ميليشيا الحوثي عنه الأدوية طيلة فترة اختطافه في سجونها بصنعاء.
 

بيان صادم
 
وجاء البيان الأمريكي إزاء وفاة الموظف العجمي صادمًا لليمنيين، كون البيان لم يرقُ إلى مستوى الجريمة التي تعد واحدة من الجرائم المرتكبة من قبل مليشيا الحوثي بحق المختطفين اليمنيين في سجونها.
 
حيث اكتفت واشنطن، في تغريده نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية، بالتعبير عن حزنها العميق وأسفها البالغ إزاء وفاة أحد موظفي سفارتها من الجنسية اليمنية في سجون الحوثي بصنعاء.
 
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية على "تويتر" "تشعر الولايات المتحدة بحزن عميق إزاء نبأ وفاة (عبد الحميد العجمي)، أحد موظفينا المتقاعدين من سفارة الولايات المتحدة إلى اليمن". 
 
وأكد المتحدث الأمريكي، أن الموظف العجمي "وافته المنية في معتقل الحوثي"، معربة عن "خالص تعازيها لأسرته وأحبابه".
 
وفي بيان مماثل، نشرته السفارة الأمريكية في اليمن، على صفحتها في "تويتر"، قالت السفارة إنها "نشعر بالحزن العميق على موظف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المتقاعد عبد الحميد العجمي والذي توفي في أسر الحوثيين".
 
ووصفت السفارة عبد الحميد العجمي بـ"الجد البريء"، مشيرة إلى أنه "لم يكن ينبغي أن يموت أبدًا بعيدًا عن عائلته. عبد الحميد كان يمنيًا فخورًا كرس حياته لتعليم أطفال اليمن".
 
وتقدمت السفارة بتعازيها لأحباب العجمي، داعية في الوقت نفسه "الحوثيين إلى إنهاء هذا الظلم، وإطلاق سراح كل موظف حالي وسابق في السفارة الأمريكية فورًا".
 
وسخر ناشطون يمنيون، مما ورد في البيان، مؤكدين أنه "إسقاط واجب"، كون ما ورد فيه لا يعبر عن حجم الجريمة المرتكبة بحق المختطفين العاملين في سفارتها، والذي يعد انعكاسًا واضحًا لما يقومون به بحق المختطفين عمومًا.
 

لا تنديد بالجريمة
 
بين السخرية والاستغراب، علق ناشطون يمنيون على تغريدة السفارة الأمريكية في اليمن إزاء حادثة وفاة المختطف العجمي في سجون الحوثي بصنعاء.

وأكد الناشطون اليمنيون، أن بيان السفارة الأمريكية، لم يندد حتى بالجريمة، متسائلين ما الفائدة من الحزن، دون أي خطوات ملموسة لوقف هذه الجرائم الحوثية المتزايدة بحق المختطفين في سجونها؟
 
الصحفي اليمني وليد المشيرعي غرد ساخرًا بالقول: "أمريكا تبيعك في أقرب منعطف ثم تصدر بيان تعبّر فيه عن أسفها". فيما تساءل الصحفي اليمني عبد الله المنيقي -مختطف سابق في سجون مليشيا الحوثي -قائلا: "وماذا يفيد الحزن؟".
 
فيما طالب الصحفي اليمني، عبد الله الحرازي السفارة الأمريكية في اليمن بإبداء موقف حقيقي إزاء هذه الجريمة. وقال: "إن لم يكن هناك موقف حقيقي، فلا جدوى من مجرد التعبير عن حزنكم"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد حتى تنديد بالجريمة".
 
فيما غرد ضاحكًا وساخرًا الناشط اليمني، يوسف عبد الله، على ما ورد في بيان السفارة الأمريكية، والذي جاء وكأن واشنطن خائفة من الحوثي وقال: "تخيلوا أن أمريكا تخاف من الحوثي، الحلقة الأخيرة بالحياة".
 

اجراءات عقابية
 
واعتبر الناشط اليمني الذي عرّف بنفسه بصفحته في "تويتر" باسم "أحمد"، التعبير الأمريكي عن حزنهم لوفاة العجمي بـ "الشيء الايجابي".

واستدرك ذلك متسائلا: "ماذا سيتم اتخاذه من اجراءات عقابية تجاه المليشيا الارهابية في اليمن، بحكم أن (عبد الحميد العجمي) الذي وصفه بـ"الشهيد"، موظف لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؟
 
بدوره، اعتبر الناشط اليمني الوصابي فهد قائد، ما ورد في بيان السفارة الأمريكية في اليمن إزاء وفاة موظفها العجمي في سجون الحوثي بصنعاء، بأنه تواطؤ أمريكي في الجريمة.
 
وقال الوصابي في تغريده على "تويتر"، ردا على بيان السفارة الأمريكية: "على الأقل استنكروا ما تعرض له من خطف واخفاء قسري، وانتهاك حقوق، ومنع من العلاج، وربما تعذيب"، داعيًا إلى "طلب تحقيق محايد في سبب وفاته".
 
وأكد الوصابي، أن "هذا البيان ليس تعزية له، ودعم لأسرته؛ بل هو بيان شراكة، وتواطؤ في الجرائم التي تعرض لها". حسب وصفه. فيما غرد نشوان العمراني قائلا: "لم تدينوا حتى عصابة الحوثي، وكأنه مات لسبب مجهول!".

 
اليمنيون يتساءلون
 
وفيما رد الناشط اليمني "صادق شلي" على بيان السفارة الأمريكية بالهاش تاج: #الحوثي_جماعه_ارهابية، فقد تساءل الناشط الذي عرّف نفسه باسم "حميد" قائلا: "أمريكا لماذا لا تدافع عن موظفيها؟".
 
وتساءل ناشط أخر عرّف نفسه باسم "ماجد"، بالقول: "وما هي ردة فعلكم لأخذ حق موظفكم وحق عائلته؟". فيما غرد الناشط الأخر باسم "نادر" ساخرًا وقال: "حتى لم تستنكروا ما حدث"، وأضاف متسائلا: "لماذا كل هذه الحنيّة تجاه ميليشيات إيران؟". حسب وصفه.
 
الناشط محمد اليزيدي، رد على بيان السفارة قائلا: "ما استغربه هو أن السفارة الأمريكية لم تكلف نفسها عناء حتى التنديد الصوري بجريمة موت العجمي وهو مختطف في سجون المليشيات".
 
وأضاف اليزيدي، "في الوقت الذي كان يفترض بها أن تسلط الضوء على تلك الجريمة وغيرها من جرائم الاختطافات التي تقوم بها المليشيا المصنفة على قائمة الإرهاب الأمريكية".
 
وتساءل الناشط "ماجد"، ردًا على تغريدة السفارة الأمريكية في اليمن بالقول: "كيف ستتعاملون مع الحوثي بعد مقتل أحد موظفينكم تحت الأسر؟ هل ستأخذون بثأره مثلاً؟".
 
وأضاف: "لا ينبغي أن تظهروا بشكل مُقزز، وتوهموا الناس أنكم حزينين على مقتله؛ بينما تربطكم مصالح مشتركة مع الحوثي، وأقصى ما تستطيعوا فعله هو الشجب والاستنكار والمطالبة في تويتر بإطلاق سراح البقية".
 

نهج حوثي إرهابي
 
شنت مليشيا الحوثي، منتصف نوفمبر من العام الماضي، هجومًا على السفارة الأمريكية بصنعاء، وقامت باختطاف عدد من الموظفين واستبدال حراسة السفارة بأخرين من الموالين لها.

وأدانت السفارة الأمريكية، الهجوم الحوثي، واختطافهم للإعلامييّنَ الموظفَين في سفارتها بصنعاء، مؤكدة أن الحوثيين "يستخدمون موظفيها بيادق في الصراع"، حسب وصفها. 

كما قامت مليشيا الحوثي بسرقة معدات السفارة، وأجهزتها الإلكترونية، واختطاف عدد من الموظفين المحليين، وهو الأمر الذي دعا "الكونجرس الأمريكي لإعادة تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، والتي تم تفكيكها من قبل إدارة بايدن.

ومنتصف شباط/فبراير الماضي، قامت مليشيا الحوثي باختطاف اثنين من الإعلاميين العاملين في السفارة الأمريكية بصنعاء، وهو ما اعتبرته الحكومة اليمنية، "استمرار في النهج الإرهابي لمليشيا الحوثي، وانتهاك للقانون الدولي".


وفاة 200 مختطف يمني
 
لم يكن وفاة المواطن اليمني عبد الحميد العجمي، والموظف في السفارة الأمريكية داخل سجون الحوثي بصنعاء، هو الأول فقد سبقه المئات من اليمنيين الذين توفوا تحت التعذيب في سجون المليشيا منذ انقلابهم على الدولة في سبتمبر 2014م.
 
مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، كشفت منظمة إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري، عن توثيق مقتل 200 مختطف ومخفي قسرا تحت التعذيب الممنهج في سجون مليشيا الحوثي الانقلابية خلال سبع سنوات.
 
وحسب المنظمة، فأن المليشيا تستخدم أكثر من 13 ألف مختطف ومخفي قسراً كدروع بشرية وتعرض حياتهم للخطر في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية.
 
وأكدت المنظمة أن المليشيا تحتجز المختطفين في مخازن تسليح ومعسكرات تدريب ومقراتها المعرضة للاستهداف من قبل طيران التحالف كونها مواقع عسكرية مشروعة تستخدمها المليشيا لأنشطتها العسكرية العدائية.
  
يشار إلى أن مليشيا الحوثي شنت منتصف نوفمبر من العام الماضي، حملة اختطافات واسعة بحق عدد من موظفي السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء.
 
ترافق ذلك مع اقتحام الحوثيين لمقر السفارة، التي كانت قد أغلقت أبوابها بصنعاء في فبراير 2015، وأعلنت مغادرة طاقمها الدبلوماسي، عقب الانقلاب الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر